للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَضُرَّ بَاقِيَ الْوَرَثَةِ اهـ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْوَالِدَ وَلِيٌّ مُتَصَرِّفٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَالظَّاهِرُ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَالْأَمِينُ إذَا مَاتَ وَضَمِنَاهُ فَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مَا يُسْقِطُ التَّعَلُّقَ بِتَرِكَتِهِ اهـ.

نَعَمْ لِذِي الْمَالِ أَنْ يُحَلِّفَ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ عَلَى أَنَّ أَبَاهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ وَأَفْتَى جَمْعٌ فِيمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ فَادَّعَى إنْفَاقَهُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ هُوَ وَوَارِثُهُ أَيْ: بِالْيَمِينِ وَالْبُلْقِينِيُّ بِجَوَازِ الشُّرْبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَفِلُ بِهِ مِنْ نَحْوِ عَيْنٍ وَنَهْرٍ لِقَاصِرٍ فِيهِ شَرِكَةٌ وَلَقْطِ سَنَابِلَ مِنْ زَرْعِهِ لَا كِسْرَةَ لَهُ سَاقِطَةٌ وَخَالَفَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا كَالثَّالِثَةِ الْقَائِلُ هُوَ بِامْتِنَاعِهَا وَخَرَجَ بِمَا قَيَّدَ بِهِ شُرْبٌ يَضُرُّ نَحْوَ زَرْعِهِ فَيَمْتَنِعُ وَأَفْتَى الْقَاضِي فِيمَا لَوْ اشْتَرَى ضَيْعَةً مِنْ قَيِّمِ يَتِيمٍ وَسَلَّمَهُ الثَّمَنَ فَكَمُلَ الْمَوْلَى وَأَنْكَرَ كَوْنَ ذَلِكَ الْقَيِّمِ وَلِيًّا لَهُ وَاسْتَرَّ الضَّيْعَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَلَايَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلٍ وَدَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ عَلَى مِلْكِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَدَّقَهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ فَكَذَا هُنَا وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّ الْبَائِعَ فِي تِلْكَ مُقَصِّرٌ بِبَيْعِهِ مَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَلْحَظَ إنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ عَلَى الْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْكُلِّ فَكَمَا عُذِرَ فِي هَذِهِ بِاسْتِنَادِ تَصْدِيقِهِ إلَى الظَّاهِرِ فَكَذَا فِي تَيْنِكَ عَلَى أَنَّ الْقَيِّمَ وَالْوَكِيلَ مُقَصِّرَانِ أَيْضًا بِبَيْعِهِمَا قَبْلَ ثُبُوتِ وَلَايَتِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ جَزَمْت بِخِلَافِ كَلَامِ الْقَاضِي قُبَيْلَ الْوَدِيعَةِ.

(بَابُ الصُّلْحِ وَالتَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ) هُوَ لُغَةً قَطْعُ النِّزَاعِ وَشَرْعًا عَقْدٌ مَخْصُوصٌ يَحْصُلُ ذَلِكَ وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَخَصُّوا لِانْقِيَادِهِمْ وَإِلَّا فَالْكُفَّارُ مِثْلُهُمْ (هُوَ) أَنْوَاعٌ صُلْحٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ أَوْ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْبُغَاةِ أَوْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَصُلْحٌ فِي مُعَاوَضَةٍ أَوْ دَيْنٍ وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا وَلَفْظُهُ يَتَعَدَّى غَالِبًا لِلْمَتْرُوكِ بِمَنْ وَعَنْ وَلِلْمَأْخُوذِ بِعَلَى وَالْبَاءِ وَهُوَ (قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا يَجْرِي بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى إقْرَارٍ) أَوْ حُجَّةٍ أُخْرَى (فَإِنْ جَرَى عَلَى عَيْنٍ غَيْرِ) الْعَيْنِ (الْمُدَّعَاةِ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدَارٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهَا بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

ضَامِنًا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ: الطِّفْلِ (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا صَارَ النَّاقِصُ مِنْ مَالِ الِابْنِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَبِ فَيَتَضَرَّرُ غَيْرُ الِابْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ.

(قَوْلُهُ فَذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: التَّضَمُّنُ (وَقَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) خَبَرٌ فَذَلِكَ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ إذَا وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ وَالْأَمِينُ.

(قَوْلُهُ مَا يَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ: وَاحْتِمَالُ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ هُنَا الَّذِي هُوَ الظَّاهِرُ مُسْقِطٌ لِلتَّعَلُّقِ (قَوْلُهُ لِذِي الْمَالِ) أَيْ: لِلِابْنِ صَاحِبِ الْمَالِ (قَوْلُهُ إنْفَاقُهُ) أَيْ: بَدَلَ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ هُوَ إلَخْ) أَيْ: الْأَبُ (قَوْلُهُ وَالْبُلْقِينِيُّ) أَيْ: وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ لَا يَحْتَفِلُ بِهِ) أَيْ لَا يُبَالِي بِهِ لِقِلَّةِ النَّقْصِ بِهِ (قَوْلُهُ لِقَاصِرٍ) أَيْ: مَحْجُورٍ وَالْجَارُ مُتَعَلِّقٌ لِشَرِكَةٍ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي نَحْوِ الْعَيْنِ وَالنَّهْرِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَفْظُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الشُّرْبِ (قَوْلُهُ لَا كِسْرَةَ لَهُ) أَيْ لِلْقَاصِرِ عَطْفٌ عَلَى سَنَابِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) وَهِيَ لَفْظُ السَّنَابِلِ (قَوْلُهُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ) وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَحْتَفِلُ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ) أَيْ: الضَّيْعَةَ مِنْ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ الْقَيِّمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ) أَيْ: بِالشِّرَاءِ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ أَيْ: كُلًّا مِنْ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي تِلْكَ) أَيْ: فِي صُورَةِ بَيْعِ الْمَالِكِ ظَاهِرًا (قَوْلُهُ فِي تَيْنِكَ) فِي صُورَتَيْ بَيْعِ الْقَيِّمِ وَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ قُبَيْلَ الْوَدِيعَةِ) ظَرْفٌ جَزَمْت.

[بَابُ الصُّلْحِ وَالتَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ]

(بَابُ الصُّلْحِ) قَوْلُ الْمَتْنِ (بَابُ الصُّلْحِ) لَوْ عَبَّرَ بِكِتَابٍ كَانَ أَوْضَحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ الصُّلْحُ جَائِزٌ وَجَائِزَةٌ وَهُوَ رُخْصَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ لِتَسْمِيَتِهَا رُخْصَةً التَّغَيُّرُ بِالْفِعْلِ بَلْ وُرُودُ الْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الْأُصُولُ الْعَامَّةُ كَافٍ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ مَتْنِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالتَّزَاحُمُ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَعَنْهُ (قَوْلُهُ لُغَةً) أَيْ: وَعُرْفًا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إلَخْ) أَيْ: فَهُوَ مِنْ نَقْلِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ إلَى سَبَبِهِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ النَّقْلِ مِنْ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ يَحْصُلُ ذَلِكَ) مِنْ التَّحْصِيلِ أَيْ: يَحْصُلُ بِهِ قَطْعُ النِّزَاعِ (قَوْلُهُ «أَحَلَّ حَرَامًا» ) كَالصُّلْحِ عَلَى نَحْوِ الْخَمْرِ (وَقَوْلُهُ «أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» ) كَأَنْ يُصَالِحَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَإِنْ قِيلَ الصُّلْحُ لَمْ يُحَرِّمْ الْحَلَالَ وَلَمْ يُحَلِّلْ الْحَرَامَ بَلْ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ الْمُجَوِّزُ لَنَا الْإِقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ لَوْ صَحَّحْنَاهُ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَخُصُّوا) أَيْ: الْمُسْلِمُونَ بِالذِّكْرِ فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ لِانْقِيَادِهِمْ) أَيْ: إلَى الْأَحْكَامِ غَالِبًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ بَيْنَ الْإِمَامِ) أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَقَعَ مِنْ نَائِبِهِ وَعَبَّرَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي هُنَا وَفِي قَوْلِهِ أَوْ بَيْنَ إلَخْ بِالْوَاوِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِمْ أَنْوَاعٌ وَعَقَدُوا لِلْأَوَّلِ بَابَ الْهُدْنَةِ وَلِلثَّانِي بَابَ الْبُغَاةِ وَلِلثَّالِثِ بَابَ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ (قَوْلُهُ أَوْ دَيْنٌ) بِفَتْحِ الدَّالِ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبِ مُعَامَلَةٍ أَوْ لَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَصُلْحُ الْمُعَامَلَةِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ: صُلْحُ الْمُعَاوَضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ حُجَّةٌ أُخْرَى) عَبَّرَ بِهَا دُونَ الْبَيِّنَةِ لِتَشْمَلَ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَعِلْمَ الْقَاضِي ع ش وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ بُجَيْرِمِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَلَى عَيْنٍ) يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبُلْقِينِيِّ الْآتِي أَنَّهُ مِثْلُهُ.

(بَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَيْنٍ) يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهَا مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهَا بِهَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ يَجُوزُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>