للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الْحَوَالَةِ) هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا لُغَةً التَّحَوُّلُ وَالِانْتِقَالُ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَقْتَضِي تَحَوُّلَ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا الِانْتِقَالِ نَفْسُهُ وَأَصْلُهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ أَيْ بِالْهَمْزِ فَلْيَتْبَعْ» أَيْ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا وَتُفَسِّرُهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ «وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ» أَنَّ الظِّلَّ كَبِيرَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظُلْمًا فَهُوَ كَالْغَصْبِ فَيَفْسُقُ بِمَرَّةٍ مِنْهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ فِي اشْتِرَاطِهِ تَكَرُّرَهُ نَقْلًا عَنْ مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِتَفْسِيرِ الْأَزْهَرِيِّ لِلْمَطْلِ بِأَنَّهُ إطَالَةُ الْمُدَافَعَةِ أَيْ فَالْمَرَّةُ لَا تُسَمَّى مَطْلًا وَيَخْدِشُهُ حِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ اخْتِلَافُ الْمَالِكِيَّةِ هَلْ يَفْسُقُ بِمَرَّةٍ مِنْهُ أَوْ لَا فَاقْتَضَى اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَسْمِيَتِهِ مَطْلًا تَكَرُّرُهُ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ اخْتِلَافُهُمْ وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا تَفْسِيرُ الْقَامُوسِ لَهُ بِأَنَّهُ التَّسْوِيفُ بِالدَّيْنِ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَصَرَاحَةُ مَا فِي الْحَدِيثِ فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّهُ رَدِيفُهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ لِأَنَّ كُلًّا مَلَكَ بِهَا مَا لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلُ فَكَانَ الْمُحِيلُ بَاعَ الْمُحْتَالَ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا لِلْمُحْتَالِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ الْغَالِبِ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا صِحَّةُ الْإِقَالَةِ فِيهَا وَبِهِ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ أَخَذَا مِنْ كَلَامِ الْخُوَارِزْمِيِّ وَرَدَ بِتَصْرِيحِ الرَّافِعِيِّ أَوَّلَ الْفَلَسِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

[بَابُ الْحَوَالَةِ]

ِ) (قَوْلُهُ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَرْكَانُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا وَقَوْلُهُ أَنَّ الْمَطْلَ إلَى صَرَاحَةِ مَا فِي الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَالِانْتِقَالُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ عَلَى هَذَا الِانْتِقَالِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ وَالِانْفِسَاخُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ اُتُّبِعَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ وَيُفَسِّرُهُ) أَيْ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ أَيْ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخَبَرِ (قَوْله لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظُلْمًا) لَك أَنْ تَقُولَ الظُّلْمُ مُطْلَقُ التَّعَدِّي وَلَيْسَ كُلُّ ظُلْمٍ مُفَسِّقًا كَمَا يَقْتَضِي بِهِ جَعْلُهُمْ كَثِيرًا مِنْ مَظَالِمِ الْعِبَادِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَالْغَصْبُ ظُلْمٌ خَاصٌّ فَلَيْسَ التَّفْسِيقُ فِيهِ لِعُمُومِ كَوْنِهِ ظُلْمًا بَلْ لِخُصُوصِ كَوْنِهِ غَصْبًا أَيْ نَظَرًا لِمَا وَرَدَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّ انْتِهَاك الْحُرْمَةِ فِيمَا لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ بِوَجْهٍ أَبْلَغُ مِنْهَا فِيمَا يُوجَدُ فِيهِ إذْنُ الْمَالِكِ غَالِبًا فِي أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِهِ تَكَرُّرَهُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ اشْتِرَاطُ تَكَرُّرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَّةَ صَغِيرَةٌ فَيَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّكَرُّرَ مِنْ قَبِيلِ الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ فَيَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ فِي حُكْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى عَدَمِ غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

أَقُولُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَكَأَنَّ الشَّيْخَ ابْنَ حَجٍّ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ اكْتِفَاءً بِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الشَّهَادَاتِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَلَك أَنْ تَمْنَعَ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي آنِفًا بِأَنَّ مَرْجِعَ ضَمِيرِ تَكَرُّرِهِ فِيمَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُصَنِّفِ كَمَرْجِعِ ضَمِيرِ مِنْهُ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ السُّبْكِيّ الْمَطْلُ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمُدَافَعَةِ مَجَازًا وَإِنَّمَا شَرَطَ الْمُصَنِّفُ تَكَرُّرَهُ لِيَتَحَقَّقَ حَقِيقَةً الْمَطْلُ الْكَبِيرَةُ حَقِيقَةً وَبِهِ يَظْهَرُ التَّأْيِيدُ الْآتِي أَيْضًا.

(قَوْلُهُ نَقْلًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ التَّأْيِيدِ فَإِنَّ مُرَادَ النَّوَوِيِّ تَكَرُّرُ مَرَّاتِ الْمَطْلِ وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِ الْمَرَّةِ مِنْ الْمَطْلِ يُعْتَبَرُ فِيهَا تَكَرُّرُ الْمُدَافَعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةٌ ع ش وَمِنْهُ أَيْ مِنْ تَفْسِيرِ الْأَزْهَرِيِّ يُسْتَفَادُ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ بِالظُّلْمِ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذَا لَا مَنْ امْتَنَعَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا فَلَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ فَأَمَّا الْمُدَافَعَةُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهَا فِسْقٌ وَإِنْ كَانَتْ مَعْصِيَةً اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَكَرُّرِ الْمُطَالَبَةِ بِالْفِعْلِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَكَرُّرِ الطَّلَبِ مِنْ الدَّائِنِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ أَمَّا دَيْنُ الْإِتْلَافِ فَيَجِبُ دَفْعُهُ فَوْرًا مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَقَوْلُهُ فَلَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ الِامْتِنَاعُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ صَغِيرَةٌ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ مَرَّ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَيَخْدِشُهُ) أَيْ تَفْسِيرُ الْأَزْهَرِيِّ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ هَلْ يَفْسُقُ إلَخْ) أَيْ فِي جَوَابِهِ (قَوْلُهُ فَاقْتَضَى) أَيْ اخْتِلَافُ الْمَالِكِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي تَسْمِيَتِهِ) أَيْ الْمُدَافَعَةِ وَالِامْتِنَاعِ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا) أَيْ عَدَمَ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِي التَّسْمِيَةِ وَقَدْ يُمْنَعُ لِتَأْيِيدٍ بِحَمْلِ التَّسْوِيفِ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي التَّفْعِيلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بِتَفْسِيرِ الْقَامُوسِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَصَرَاحَةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْمَطْلَ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَفْسِيرِ الْخَبَرِ بِرِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ لَا مِنْ نَفْسِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَصَرَاحَةُ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ أَخْذُ ذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الشَّارِعُ بِالْكِنَايَةِ أَوْ يُرِيدَ الْإِتْبَاعَ بِنَحْوِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ لَا بِلَفْظِ الْإِتْبَاعِ اهـ سم وَقَدْ يُقَالُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ (قَوْلُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ) وَهُوَ الْإِتْبَاعُ كَأَنْ يَقُولُ الْعَارِفُ بِمَدْلُولِ اللَّفْظِ أُتْبِعُك عَلَى فُلَانٍ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ) وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنَانِ رِبَوِيَّيْنِ مُغْنِي وع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ الْغَالِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَنَازَعَا جِدَارًا مِنْ تَرْجِيحِ غَيْرِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَتَأْوِيلِ كَلَامِهِ.

(بَابُ الْحَوَالَةِ) (قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِهِ تَكَرُّرُهُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: اشْتِرَاطُ تَكَرُّرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَّةَ صَغِيرَةٌ فَيَرْجِعُ إلَى أَنَّ التَّكَرُّرَ مِنْ قَبِيلِ الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ فَيَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ فِي حُكْمِ الْكَبِيرَةِ عَلَى عَدَمِ غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَصَرَاحَةُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ أَخْذَ ذَلِكَ إذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الشَّارِعُ بِالْكِنَايَةِ أَوْ يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ بِنَحْوِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ لَا بِلَفْظِ الِاتِّبَاعِ (قَوْلُهُ أَيْ الْغَالِبُ عَلَيْهَا) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يُلَاحَظُ فِيهَا كَوْنُهَا اسْتِيفَاءً (قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>