للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَلَى مُدَّةٍ وَجَوَّزَ التَّرَدُّدَ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَلَى عَمَلٍ

(فَرْعٌ)

اقْتَضَى كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الطَّبِيبَ الْمَاهِرَ أَيْ بِأَنْ كَانَ خَطَؤُهُ نَادِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاهِرًا فِي الْعِلْمِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّا نَجِدُ بَعْضَ الْأَطِبَّاءِ اسْتَفَادَ مِنْ طُولِ التَّجْرِبَةِ وَالْعِلَاجِ مَا قَلَّ بِهِ خَطَؤُهُ جِدًّا وَبَعْضُهُمْ لِعَدَمِ ذَلِكَ مَا كَثُرَ بِهِ خَطَؤُهُ فَتَعَيَّنَ الضَّبْطُ بِمَا ذَكَرْته لَوْ شُرِطَتْ لَهُ أُجْرَةٌ وَأُعْطِيَ ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ فَعَالَجَهُ بِهَا فَلَمْ يَبْرَأْ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَيْسَ لِلْعَلِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ الْمُعَالَجَةُ لَا الشِّفَاءُ بَلْ إنْ شُرِطَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ بِيَدِ اللَّهِ لَا غَيْرَ نَعَمْ إنْ جَاعَلَهُ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ الْمَذْكُورِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَوَائِلَ الْجِرَاحِ وَالتَّعَازِيرِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْمَاهِرِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمَا لَيْسَ هُوَ لَهُ بِأَهْلٍ وَمِنْ شَأْنِ هَذَا الْإِضْرَارُ لَا النَّفْعُ

(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ (يَجِبُ) يَعْنِي يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) ضَبَّةِ (الدَّارِ) مَعَهَا (إلَى الْمُكْتَرِي) لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَهُ أَوْ عَدَمِهِ فَلَا وَفِيهِمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَجْدِيدُهُ فَإِنْ أَبَى لَمْ يُجْبَرْ وَلَمْ يَأْثَمْ لَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُكْتَرِي وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الشرواني]

مِلْكِ نَفْسِهِ وَيَظْهَرُ لِي إلْحَاقُ الْحِبْرِ بِالْخَيْطِ وَالصَّبْغِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْعُبَابِ جَزَمَ بِهِ وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ أَيْ مَاءِ الْأَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ وَفِي اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ

وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصَّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يُوقِدُهُ الْخَبَّازُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُتْلَفُ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ اهـ بِأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ ع ش وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ م ر وَإِذَا أَوْجَبْنَا إلَى آخِرِهِ عَنْ الْغُرَرِ إلَّا مَسْأَلَةَ إلْحَاقِ الْحِبْرِ مَا نَصُّهُ وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْحِبْرَ كَالْخَيْطِ وَالصَّبْغِ وَأَنَّ الْمَعْنَى الْفَارِقَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَمَلِ وَمَا لَا فَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بَعْدُ كَالْخَيْطِ وَالصَّبْغِ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالثَّوْبِ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ بِدُونِ الْخَيْطِ وَلَا بَعْدَ صَبْغِهِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَصْبُوغًا بِدُونِ الصَّبْغِ يَمْلِكُهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَاءِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ بَعْدَ شِرْبِهَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا وَإِنْ انْفَصَلَ مَا شَرِبَتْ مِنْهُ عَنْهُ وَكَالْكُحْلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْعَيْنِ الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَكَالْحَطْبِ فَإِنَّهُ بَعْدَ حَمْيِ التَّنُّورِ بِإِحْرَاقِهِ وَالْخَبْزِ يُسْتَغْنَى عَنْ رَمَادِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحِبْرَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُنْتَفَعُ بِالْمَكْتُوبِ بِدُونِ الْحِبْرِ وَأَنَّ اللَّبَنَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي الْمَعِدَةِ يَحْصُلُ التَّغَذِّي حَتَّى لَوْ انْفَصَلَ كَانَ التَّغَذِّي بِحَالِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَطَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَيْ بِعَدَمِ وُجُوبِ غَيْرِ الْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ اقْتَضَى كَلَامُهُمْ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ بِأَنْ إلَى لَوْ شُرِطَتْ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ ذَلِكَ) أَيْ طُولِ التَّجْرِبَةِ وَالْعِلَاجِ (قَوْلُهُ مَا كَثُرَ بِهِ خَطَؤُهُ) الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ كَثُرَ خَطَؤُهُ بِإِسْقَاطِ مَا وَبِهِ عَطْفًا عَلَى اسْتَفَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَوْ شُرِطَتْ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ الطَّبِيبَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ إلَخْ) هَلْ اسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ يُشْكِلُ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ يُقَيَّدُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ بِالْجَهْلِ بِحَالِهِ م ر فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى حَجّ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، بَلْ الْغَالِبُ عَلَى عَمَلِ مِثْلِهِ الضَّرَرُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ فَقِيَاسُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ حَصَلَ الْبُرْءُ وَالشِّفَاءُ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ]

(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَلْزَمُ) إلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ النَّزْعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلَهُ وَفِي إطْلَاقِهِ إلَى وَأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ يَعْنِي) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ إلَخْ) أَيْ لَا لِدَفْعِ الْإِثْمِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى الْمُكْرِي) مُتَعَلِّقٌ بِيَجِبُ (قَوْلُهُ ضَبَّةِ الدَّارِ) أَيْ الْغَلَقِ الْمُثَبَّتِ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ مَعَهَا) أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ) (فَرْعٌ)

هَلْ تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ لَا بَابَ لَهَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يَتَّجِهُ الصِّحَّةُ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِلَا بَابٍ كَأَنْ أَمْكَنَ التَّسَلُّقُ مِنْ الْجِدَارِ وَعَلَى الصِّحَّةِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ كَأَنْ رَآهَا قَبْلُ ثُمَّ سُدَّ بَابُهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الْوَجْهُ الثُّبُوتُ فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ) أَيْ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَفِيهِمَا إلَخْ) أَيْ التَّلَفِ بِتَقْصِيرٍ وَالتَّلَفِ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّجْدِيدِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَوَّلًا يَعْنِي يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ أَيْضًا وَلَا يَأْثَمُ بِامْتِنَاعِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ حَيْثُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ يَسْتَحِقُّ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ عَلَى الْمُكْرِي فَعَدَمُ التَّسْلِيمِ وَالتَّجْدِيدِ امْتِنَاعٌ مِنْ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِعَدَمِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَيْثُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا اهـ ع ش وَهَذَا وَجِيهٌ لَا سِيَّمَا فِي الِابْتِدَاءِ لَكِنَّ كَلَامَ شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْبَهْجَةِ أَيْضًا كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ بِعَدَمِ التَّسْلِيمِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَفِي عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ بَلْ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ مَعَ شَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ دَارٍ مَعَهَا لِمُكْتَرٍ وَعِمَارَتُهَا وَكَنْسُ ثَلْجٍ بِسَطْحِهَا سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى) اعْتَمَدَهُ م ر وَكَذَا قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ جَاعَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ إلَخْ) هَلْ اسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ قَدْ يُشْكِلُ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ يُقَيَّدُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ بِالْجَهْلِ بِحَالِهِ م ر فَلْيُحَرَّرْ.

(فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ) (قَوْلُهُ مَعَهَا) أَيْ الدَّارِ ش

<<  <  ج: ص:  >  >>