للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِعَايَةً لِلْمَصْلَحَةِ نَعَمْ حِمَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصٌّ فَلَا يُنْقَضُ وَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ بِخِلَافِ حِمَى غَيْرِهِ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

(وَلَا يَحْمِي) الْإِمَامُ وَنَائِبُهُ (لِنَفْسِهِ) قَطْعًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُدْخِلَ مَوَاشِيَهُ مَا حَمَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ لَا ضَعِيفٌ وَلَوْ رَعَى الْحِمَى غَيْرُ أَهْلِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَامِدٍ وَلَا تَعْزِيرَ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ الْمَاءَ الْعِدَّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمَاءِ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ لِنَحْوِ نَعَمِ الْجِزْيَةِ.

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ مَنْفَعَةِ الشَّارِعِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (مَنْفَعَةُ الشَّارِعِ) الْأَصْلِيَّةُ (الْمُرُورُ) فِيهِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لَهُ (وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ) وَالْوُقُوفُ (بِهِ) وَلَوْ لِذِمِّيٍّ (لِاسْتِرَاحَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَانْتِظَارٍ (إذَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى الْمَارَّةِ) لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَصَحَّ النَّهْيُ عَنْ الْجُلُوسِ فِيهِ لِنَحْوِ حَدِيثٍ «إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ حَقَّهُ مِنْ غَضِّ بَصَرٍ وَكَفِّ أَذًى وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ»

(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ (إذْنُ الْإِمَامِ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ إذْنُهُ تَعَيَّنَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا كَذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ النَّظَرَ فِي أَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ دُونَ الْجَالِسِينَ فِي الطُّرُقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مِنْ شَيْءٍ اهـ.

(قَوْلُهُ رِعَايَةً إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَضُ وَلَا يُغَيَّرُ بِحَالٍ) وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُ فَمَنْ زَرَعَ فِيهِ أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى قَلَعَ مُغْنِي وَحَلَبِيٌّ وَزِيَادِيٌّ وَقَلْيُوبِيٌّ

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَعَى الْحِمَى إلَخْ) وَيُنْدَبُ لَهُ وَلِنَائِبِهِ أَنْ يُنَصِّبَ أَمِينًا يُدْخِلُ فِيهِ دَوَابَّ الضُّعَفَاءِ وَيَمْنَعُ مِنْهُ دَوَابَّ الْأَقْوِيَاءِ فَإِنْ رَعَاهُ قَوِيٌّ مُنِعَ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَلَا يُعَزَّرُ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ فِي التَّعْزِيرِ انْتَهَى، وَلَعَلَّهُمْ سَامَحُوا فِي ذَلِكَ أَيْ التَّعْزِيرِ كَمُسَامَحَتِهِمْ فِي الْغُرْمِ اهـ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُرَدُّ أَيْ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الرَّعْيِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَقَدْ يَنْتَفِي التَّعْزِيرُ فِي الْمُحَرَّمِ لِعَارِضٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا تَعْزِيرَ) أَيْ عَلَى الْغَيْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الْمَاءَ الْعِدَّ) وَمِثْلُهُ الْمَاءُ الْبَاقِي مِنْ النِّيلِ كَالْحُفَرِ فَلَا يَجُوزُ حِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَامَّةِ النَّاسِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ) أَيْ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَنْفَعَةِ الشَّارِعِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ)

(قَوْلُهُ: الْأَصْلِيَّةُ) إلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْأَصْلِيَّةُ) فِيهِ دَفْعُ إشْكَالِ الْحَصْرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَرِينَةُ التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ فَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْ مَسْأَلَةُ الْمُرُورِ فِي الصُّلْحِ وَذُكِرَتْ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهَا وَخَرَجَ بِالْأَصْلِيَّةِ الْمَنْفَعَةُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ إلَخْ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْن (وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ بِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي وَسَطِهِ. اهـ. مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَإِنْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ. اهـ. أَيْ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْجُلُوسِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْوُقُوفُ بِهِ) نَعَمْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةُ الْوَاقِفِ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَالِانْصِرَافِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ تَوَلَّدَ مِنْ وُقُوفِهِ ضَرَرٌ وَلَوْ عَلَى نُدْرَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُ: م ر إنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةُ الْوَاقِفِ إلَخْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِلْآحَادِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ وَإِلَّا جَازَ.

ثُمَّ قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ فَقَطْ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ مَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ يَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا أَشْعَرَ بِهِ مِنْ الْجَوَازِ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى نَصْبِ جَمَاعَةٍ يَذُبُّونَ ذَلِكَ وَجَبَ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّ مِثْلَهُ الْجَالِسُ بِالْأَوْلَى (فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ بِمِصْرِنَا كَثِيرًا مِنْ الْمُنَادَاةِ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ بِقَطْعِ الطَّرَقَاتِ الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ بَلْ الْوُجُوبُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُ أُجْرَةِ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ لِظُلْمِ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ إكْرَاهِ كُلِّ شَخْصٍ مِنْ سُكَّانِ الدَّكَاكِينِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ فَهُوَ ظُلْمٌ مَحْضٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَالِكِ الدُّكَّانِ بِمَا غَرِمَهُ إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهَا؛ لِأَنَّ الظَّالِمَ لَهُ الْآخِذُ مِنْهُ وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَى فِعْلِهِ ضَرَرٌ كَعُثُورِ الْمَارَّةِ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ أَمَرَهُ بِمُعَاوَنَتِهِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ بَلْ قَدْ يَجِبُ وَإِنْ حَصَلَ الظُّلْمُ بِإِكْرَاهِ أَرْبَابِ الدَّكَاكِينِ عَلَى دَفْعِ الدَّرَاهِمِ. اهـ. كَلَامُ ع ش (قَوْلُهُ: كَانْتِظَارٍ) أَيْ انْتِظَارِ رَفِيقٍ وَسُؤَالٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِخَبَرٍ لَا ضَرَرَ) أَيْ جَائِزٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ وَكَذَا ضَمِيرُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ حَدِيثٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجُلُوسِ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ عَنْ قَرِيبٍ (قَوْلُهُ: إذَا اُعْتِيدَ إذْنُهُ تَعَيَّنَ فَيُحْتَمَلُ إلَخْ) يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَنَّهُ إذَا اُعْتِيدَ الْإِذْنُ فَتَرْكُهُ مُؤَدٍّ إلَى الْفِتْنَةِ وَالْإِضْرَارِ بِالْجَالِسِ بِدُونِهِ. اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الصَّدَقَةِ أَيْ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ النَّعَمِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَعَى الْحِمَى غَيْرُ أَهْلِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَجِّ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْبَقِيعِ ضَمِنَهُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْإِتْلَافِ بِغَيْرِ رَعْيٍ وَذَاكَ فِي الْإِتْلَافِ بِالرَّعْيِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَعْزِيرَ) شَامِلٌ لِلْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ م ر لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ وَإِلَّا فَلَا رَيْبَ فِي التَّعْزِيرِ اهـ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَنْفَعَةِ الشَّارِعِ إلَخْ) (قَوْلُهُ الْأَصْلِيَّةُ) فِيهِ دَفْعُ إشْكَالِ الْحَصْرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ الْعِبَارَةِ وَقَرِينَةُ التَّقْيِيدِ قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيَجُوزُ إلَخْ فَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْوُقُوفُ) نَعَمْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ لِلْإِمَامِ مُطَالَبَةُ الْوَاقِفِ بِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَالِانْصِرَافِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ تَوَلَّدَ مِنْ وُقُوفِهِ ضَرَرٌ وَلَوْ عَلَى نَدُرْ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>