للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ لِبِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي بِهَا مَسْجِدًا لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْضَلِ وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهَمُّ مِنْهُ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي مَالِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِأَنَّ لَهُ بِنَاءَهُ، أَوْ يَدْفَعَهُ لِلْأُمِّ مَا لَمْ يَكُنْ جَائِزًا فِيمَا يَظْهَرُ

(كِتَابُ) (قَسْمِ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَهُوَ بِكَسْرِهَا النَّصِيبُ (الْفَيْءِ) مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ الْآتِي لِرُجُوعِهِ إلَيْنَا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَصْدَرِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ، أَوْ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ مَرْدُودٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَتِهِ فَمَنْ خَالَفَهُ فَقَدْ عَصَاهُ وَسَبِيلُهُ الرَّدُّ إلَى مَنْ يُطِيعُهُ (وَالْغَنِيمَةِ) فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الْغُنْمِ أَيْ الرِّبْحِ وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ وَقِيلَ اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا أَيْضًا وَلَا عَكْسَ فَهِيَ أَخَصُّ وَقِيلَ هُمَا كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مُرَادُهُ مَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ فِي الْمَفْقُودِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَاللَّائِقُ اعْتِبَارُ مَا ذُكِرَ ثَمَّ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَشِيَ مِنْ اطِّلَاعِ الْقَاضِي تَلَفَهَا فَيَنْبَغِي اغْتِفَارُ عَدَمِ الْحُكْمِ ثُمَّ يَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ اهـ ع ش وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ وَسَيَأْتِي أَيْضًا عَنْهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ لِمَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَدْفَعُهُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهَا مَنْ هُوَ تَحْتَ إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) وَحَيْثُ فُرِضَ الْإِمَامُ غَيْرَ جَائِزٍ فَلِمَ لَا يَتَعَيَّنُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إذْ التَّصَرُّفُ فِيمَا ذُكِرَ حِينَئِذٍ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (خَاتِمَةٌ)

لَوْ تَنَازَعَ الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ فَصَدَّقَ الْوَدِيعُ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَى الْآخَرِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرِمَ لَهُ الْوَدِيعُ الْقِيمَةَ وَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْيَدُ لَهُمَا وَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتَهُ فَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ كَالْغَاصِبِ وَالْغَاصِبُ إذَا قَالَ الْمَغْصُوبُ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتَهُ فَحَلَفَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْهُ تَعَيَّنَ الْمَغْصُوبُ لِلْآخَرِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ عِلْمَ الْوَدِيعِ بِمَوْتِ الْمَالِكِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَارِثُ وَأَخَذَهَا وَإِنْ قَالَ الْوَدِيعُ حَبَسْتهَا عِنْدِي لِأَنْظُرَ هَلْ أَوْصَى بِهَا مَالِكُهَا أَوْ لَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا الْحَقُّ الْمُقَرُّ بِهِ أَيْ مَثَلًا وَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً وَأُجْرَةَ الْكِتَابَةِ اهـ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَمِنْ نَظَائِرِ مَسْأَلَتِنَا مَا لَوْ أَعَارَ أَرْضًا لِلدَّفْنِ فَحَفَرَ فِيهَا الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ قَبْلَ الدَّفْنِ فَمُؤْنَةُ الْحَفْرِ عَلَيْهِ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ وَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا بِاللَّمْسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَمَا لَوْ حَمَّى الْوَطِيسَ أَيْ الْفُرْنَ لِيَخْبِزَ فِيهِ فَجَاءَ آخَرُ وَبَرَّدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا يُخْبَزُ فِيهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ ضَمِنَ كَالْغَاصِبِ وَحُكْمُهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَاصِبُ لَوْ قَالَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْكَاتِبِ أَيْ الْمُعْتَادَةُ وَمِنْ ذَلِكَ الْحُجَجُ الْمَعْرُوفَةُ وَالتَّذَاكِرُ الدِّيوَانِيَّةُ وَنَحْوُهَا وَلَا نَظَرَ بِمَا يَغْرَمُ عَلَى مِثْلِهَا حِينَ أَخْذِهَا لِتَعَدِّي آخِذِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَقَضَ وُضُوءَهَا إلَخْ وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَضْمَنُ مَاءَ غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ بَلْ لَوْ نَقَضَ وُضُوءَ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ نَقَضَتْ وُضُوءَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ النَّفَقَاتِ اهـ.

[كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْقَافِ) إلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ الْأَنْسَبُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَهُوَ بِكَسْرِهَا النَّصِيبُ، وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَيُخَمَّسُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: حَرْبِيِّينَ إلَى وَخَرَجَ، وَقَوْلَهُ: وَمَا صُولِحَ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ: فَانْدَفَعَ جَوَابُ السُّبْكِيّ إلَى كَوْنِهَا بِمَعْنًى وَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هُوَ. (قَوْلُهُ: لِرُجُوعِهِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْكُفَّارِ. اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي اسْمِ الْفَاعِلِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ اسْمٍ كَمَا فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا يُسَمَّى لِأَجْلِهِ فَيَأْتِي قَوْلُهُ: ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَالُ إلَخْ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا لَيْسَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ مَعْنَى الرُّجُوعِ إلَيْنَا الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ، عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ أَيْ: وَالْمُغْنِي: وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ يَفِيءُ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ رَاجِعٌ مِنْ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ الْقَفَّالُ: سُمِّيَ فَيْئًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا إلَخْ فَجَعَلَ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ شَرْحًا وَبَيَانًا لِمَا قَالَ قَبْلَهُ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَالَفَهُ) أَيْ: بِالْكُفْرِ. (قَوْلُهُ: وَسَبِيلُهُ) أَيْ: مَنْ خَالَفَهُ. اهـ كُرْدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَعِيلَةٌ إلَخْ) اُسْتُعْمِلَتْ شَرْعًا فِي رِبْحٍ مِنْ الْكُفَّارِ خَاصٍّ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا فَضْلٌ، وَفَائِدَةٌ مَحْضَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] وقَوْله تَعَالَى،: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١] إلَّا آيَتَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ قَيْسٍ وَقَدْ فَسَّرَ لَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِيمَانَ: «وَأَنْ تُعْطُوا مِنْ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. اهـ مُغْنِي، وَقَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: حَيْثُ نَظَرَ هَذَا الْقَائِلُ لِلْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ رِبْحٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَقَدَّمَ أَنَّ إنْكَارَ أَصْلِ الْإِيدَاعِ يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ فَكَيْفَ يُقْبَلُ دَعْوَى مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ جَوَابَهُ لِدَعْوَى الْإِيدَاعِ الثَّابِتِ فَوَاضِحٌ، وَيَكُونُ وَجْهُ التَّرَدُّدِ عَدَمَ الصَّرَاحَةِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ

(كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ) (قَوْلُهُ: وَلَا عَكْسَ) قَدْ يُقَالُ: حَيْثُ نَظَرَ هَذَا الْقَائِلُ لِلْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَيْنَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُثْبِتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>