للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ ثَمَّ كَثُرَتْ أَحَادِيثُ بِذَمِّهِ وَأَحَادِيثُ بِمَدْحِهِ وَمَحْمَلُهَا مَا تَقَرَّرَ وَهَذَا يُنَافِي مَا ذَكَرْت، قُلْت: لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ لَا يُمْدَحُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا افْتِخَارَ بِهِ شَرْعًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِافْتِخَارِ بِهِ عُرْفًا وَالثَّانِي نُصْحٌ بِمَا يُعَدُّ عُرْفًا مُنَفِّرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَفِّرًا شَرْعًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مَبْحَثِ الْخُطْبَةِ فَانْدَفَعَ بِهَذَا مَا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) فَلَا يُكَافِئُ مَعِيبٌ نَسِيبٌ سَلِيمَةً دَنِيئَةً وَلَا عَجَمِيٌّ عَفِيفٌ عَرَبِيَّةً فَاسِقَةً وَلَا فَاسِقٌ حُرٌّ عَفِيفَةً عَتِيقَةً وَلَا قِنٌّ عَفِيفٌ عَالِمٌ حُرَّةً فَاسِقَةً دَنِيئَةً بَلْ يَكْفِي صِفَةُ النَّقْصِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْكَفَاءَةِ إذْ الْفَضِيلَةُ لَا تَجْبُرُهَا وَلَا تَمْنَعُ التَّعَيُّرَ بِهَا.

(وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْعَنَتِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَدْ يُمْنَعُ هَذَا فِي الْمُرَاهِقِ لِأَنَّ شَهْوَتَهُ إذْ ذَاكَ أَعْظَمُ فَإِنْ قِيلَ فِعْلُهُ لَيْسَ زِنًا قِيلَ وَفِعْلُ الْمَجْنُونِ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا لَهُ نِكَاحَ الْأَمَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْعَنَتِ فَهَلَّا كَانَ الْمُرَاهِقُ كَذَلِكَ اهـ وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ يُشْبِهُ وَطْءَ الْعَاقِلِ إنْزَالًا وَنَسَبًا وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ وَطْءِ الْمُرَاهِقِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا، وَادِّعَاءُ أَنَّ شَهْوَتَهُ إذْ ذَاكَ أَعْظَمُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهَا شَهْوَةٌ كَاذِبَةٌ إذْ لَمْ تَنْشَأْ عَنْ دَاعٍ قَوِيٍّ وَهُوَ انْعِقَادُ الْمَنِيِّ (وَكَذَا مَعِيبَةٌ) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ وَكَذَا عَمْيَاءُ وَعَجُوزٌ وَمَقْطُوعَةُ طَرَفٍ كَمَا فِي الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ خَلَائِقَ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا صَحَّ تَزْوِيجُ الْمُجْبَرَةِ مِنْ نَحْوِ أَعْمَى كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ كُفُؤٌ وَلَيْسَ الْمَدَارُ فِي نِكَاحِهَا إلَّا عَلَيْهِ إذْ الْمَلْحَظُ ثَمَّ الْعَارُ وَهُنَا الْمَصْلَحَةُ وَلِأَنَّ تَزْوِيجَهَا يُفِيدُهَا وَتَزْوِيجَهُ يُغَرِّمُهُ فَاحْتِيطَ لَهُ أَكْثَرَ (وَيَجُوزُ) تَزْوِيجُهُ (مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَعْضِ الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَغَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَا بِهِ

(فَصْلٌ) فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ حَالًا وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يُدْرَى حَالُهُ بِخِلَافِ صَغِيرٍ عَاقِلٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ التَّحْقِيقَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْحَيْثِيَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرْت) أَيْ مِنْ ذَمِّ الْمَالِ قَالَ الْكُرْدِيُّ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ وَلَا يُفْتَخَرُ بِهِ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَدَّمٌ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ يُحْكَمُ فِيهِ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي نُصْحٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ بِهَذَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: ابْنِهِ الصَّغِيرِ إلَخْ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَهْوَتَهُ) أَيْ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ أَيْ حِينَ كَوْنِهِ مُرَاهِقًا (قَوْلُهُ: فِعْلُهُ) أَيْ الْمُرَاهِقِ (قَوْلُهُ: جَوَّزُوا) أَيْ لِلْأَبِ لَهُ أَيْ لِابْنِهِ الْمَجْنُونِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نِكَاحَ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ) أَيْ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ أَوْ قِيَاسُ الْمُرَاهِقِ عَلَى الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: كَاذِبَةٌ) قَدْ يَمْتَنِعُ كَذِبُهَا وَقَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَنْشَأْ إلَخْ فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ انْعِقَادَ الْمَنِيِّ لَيْسَ مَنْشَأَ الشَّهْوَةِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ كَذَا أَفَادَهُ الْمُحَشِّي وَلَا يَخْفَى مَا فِي كُلٍّ مِنْ بَحْثَيْهِ مِنْ الْوَهَنِ مَعَ مَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ مَنْعِ السَّنَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: بِعَيْبٍ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَخْ) أَيْ كَالْبَرَصِ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَالْجُنُونِ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي بُضْعٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا عَمْيَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَإِنْ زَوَّجَ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّغِيرَ عَجُوزًا أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قَطْعَاءَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِهَرِمٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الصَّغِيرَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ يَظْهَرُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ بِحَذْفِ قَالَ سم بَعْدَ ذِكْرِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مَا نَصُّهُ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْخَصِيُّ وَالْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِلِ كَالْأَعْمَى انْتَهَى اهـ.

[فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

(قَوْلُهُ: فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا نَكَحَ بِلَا إذْنٍ وَوَطِئَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) أَيْ بِجُنُونٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ رِقٍّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ فِي الْأَرْيَافِ يُفَضِّلُونَ شَيْخَ الْبَلَدِ الْفَلَّاحَ عَلَى حَافِظِ الْقُرْآنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُكَافِئَ الثَّانِي بِنْتَ الْأَوَّلِ وَقَدْ يُتَّجَهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يُكَافِئُهَا لِأَنَّ حِفْظَ الْقُرْآنِ فَضِيلَةٌ شَرِيفَةٌ شَرْعًا وَعُرْفُ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ مَشْيَخَةُ الْبَلَدِ كَالْحِرْفَةِ وَبَعْضُ الْخِصَالِ لَا يُقَابِلُ بَعْضًا.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " الْأَوَّلُ " (قَوْلُهُ: كَاذِبَةٌ) قَدْ يُمْنَعُ كَذِبُهَا وَقَوْلُهُ: إذْ لَمْ تَنْشَأْ إلَخْ فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ انْعِقَادَ الْمَنِيِّ لَيْسَ مَنْشَأَ الشَّهْوَةِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا عَمْيَاءُ وَعَجُوزٌ وَمَقْطُوعَةُ طَرَفٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ زُوِّجَ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّغِيرُ لِعَجُوزٍ أَوْ عَمْيَاءَ أَوْ قَطْعَاءَ لِلْأَطْرَافِ أَوْ بَعْضِهَا وَالصَّغِيرَةُ بِهَرِمٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي صُوَرِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الصَّغِيرَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَكِنْ يَظْهَرُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ شَرْحُ م ر لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفُؤِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفُؤٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْخَصِيُّ وَالْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِلِ كَالْأَعْمَى اهـ.

(قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا صَرَّحَا بِهِ) فَيُزَادُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ بِنَحْوِ الْحِرْفَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْخِيَارِ م ر.

(فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ)

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يُزَوَّجُ مُغْمًى عَلَيْهِ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُتَوَقَّعْ إفَاقَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>