للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الْوَلَائِمِ الْعَشْرِ الْمَشْهُورَةِ لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا وَفِعْلًا وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ لِمَا تَقَدَّمَهُ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ وُجُوبَهَا حِينَئِذٍ زَاعِمًا أَنَّهَا تُسَمَّى وَلِيمَةَ عُرْسٍ وَلَمْ يُبَالِ بِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا عَقِبَ الدُّخُولِ لِلِاتِّبَاعِ وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْعَقِيقَةِ وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا وَإِنْ فُعِلَتْ فِي الْوَقْتِ الْمَفْضُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ)

ــ

[حاشية الشرواني]

(قَوْلُهُ مِنْ سَائِرِ الْوَلَائِمِ) وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ أَسْمَاءَ الْوَلَائِمِ فَقَالَ

وَلِيمَةُ عُرْسٍ ثُمَّ خَرْسُ وِلَادَةٍ ... عَقِيقَةُ مَوْلُودٍ وَكِيرَةُ ذِي بِنَا

وَضِيمَةُ مَوْتٍ ثُمَّ إعْذَارُ خَاتِنِ ... نَقِيعَةُ سَفْرٍ وَالْمَآدِبُ لِلثَّنَا

اهـ ابْنُ الْمُقْرِي وَقَوْلُهُ نَقِيعَةُ سَفْرٍ أَيْ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرِهِ وَقَوْلُهُ وَالْمَآدِبُ أَيْ يُقَالُ لَهَا مَأْدُبَةٌ بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الدَّالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبَبٌ إلَّا ثَنَاءَ النَّاسِ عَلَيْهِ اهـ ز ي زَادَ الْمُغْنِي عَلَى نَحْوِهِ

والشندخي لِأَمْلَاكٍ فَقَدْ كَمُلَتْ ... تِسْعًا وَقُلْ لِلَّذِي يُدْرِيهِ فَاعْتَمِدِي

وَأَهْمَلَ النَّاظِمُ عَاشُورَاءَ وَهُوَ الْحِذَاقُ اهـ وَهُوَ مَا يُصْنَعُ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَخَتْمِ كِتَابٍ.

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ مَحَلَّ نَدْبِ وَلِيمَةِ الْخِتَانِ فِي حَقِّ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ يَخْفَى وَيَسْتَحْيِ مِنْ إظْهَارِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ اسْتِحْبَابُهُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً وَأَطْلَقُوا نَدْبَهَا لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِفِعْلِ الْوَلِيمَةِ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْإِجَابَةُ لِكَوْنِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَهِيَ لِفِعْلِ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَخْ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَجِبُ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَدَاءٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا أَدَاءٌ أَبَدًا وَفِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ (تَتِمَّةٌ)

لَمْ يَتَعَرَّضْ الْفُقَهَاءُ لِوَقْتِ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ الشَّيْخُ وَهِيَ جَائِزَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَوَقْتُهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بِمُدَّةِ الزِّفَافِ لِلْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا وَبَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ قَضَاءً انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ.

(فَائِدَةٌ) فِي فَتَاوَى الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ سُئِلَ عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مَا حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ الشَّرْعُ وَهَلْ هُوَ مَحْمُودٌ أَوْ مَذْمُومٌ وَهَلْ يُثَابُ فَاعِلُهُ أَوْ لَا قَالَ وَالْجَوَابُ عِنْدِي أَنَّ أَصْلَ عَمَلِ الْمَوْلِدِ الَّذِي هُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ وَقِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ وَرِوَايَةُ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي مَبْدَأِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا وَقَعَ فِي مَوْلِدِهِ مِنْ الْآيَاتِ ثُمَّ يُمَدُّ لَهُمْ سِمَاطٌ يَأْكُلُونَهُ وَيَنْصَرِفُونَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُثَابُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ قَدْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَالِاسْتِبْشَارِ بِمَوْلِدِهِ الشَّرِيفِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ فِعْلَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ صَاحِبُ أَرْبِيلِ وَأَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فِي الْمَوْلِدِ أَعْيَانُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَنَّ الْحَافِظَ أَبَا الْخَطَّابِ بْنَ دِحْيَةَ صَنَّفَ لَهُ مُجَلَّدًا فِي الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ سَمَّاهُ التَّنْوِيرَ فِي مَوْلِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ ثُمَّ حُكِيَ أَنَّ الشَّيْخَ تَاجَ الدِّينِ عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ اللَّخْمِيَّ السَّكَنْدَرِيَّ الْمَشْهُورَ بِالْفَاكِهَانِيِّ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ ادَّعَى أَنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ الْمَوْرِدَ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَمَلِ الْمَوْلِدِ ثُمَّ سَرَدَهُ بِرُمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَهُ أَحْسَنَ نَقْدٍ وَرَدَّهُ أَبْلَغَ رَدٍّ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مِنْ حَافِظِ إمَامٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَافِظُ الْعَصْرِ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ أَصْلُ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ وَلَكِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ قَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَحَاسِنَ وَضِدِّهَا فَمَنْ تَحَرَّى فِي عَمَلِهَا الْمَحَاسِنَ وَتَجَنَّبَ ضِدَّهَا كَانَ بِدْعَةً حَسَنَةً وَمَنْ لَا فَلَا قَالَ وَقَدْ ظَهَرَ لِي تَخْرِيجُهَا عَلَى أَصْلٍ ثَابِتٍ وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ أَغْرَقَ اللَّهُ فِيهِ فِرْعَوْنَ وَنَجَّى فِيهِ مُوسَى فَنَحْنُ نَصُومُهُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى» فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ فِعْلُ الشُّكْرِ لِلَّهِ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ إسْدَاءِ نِعْمَةٍ وَدَفْعِ نِقْمَةٍ وَيُعَادُ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ كَالسُّجُودِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنْ النِّعْمَةِ بِبُرُوزِ هَذَا النَّبِيِّ الَّذِي هُوَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَحَرَّى الْيَوْمُ بِعَيْنِهِ حَتَّى يُطَابِقَ قِصَّةَ مُوسَى فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَمَنْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ لَا يُبَالِي بِعَمَلِ الْمَوْلِدِ فِي أَيِّ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ بَلْ تَوَسَّعَ قَوْمٌ فَنَقَلُوهُ إلَى يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ وَفِيهِ مَا فِيهِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ عَمَلِهِ.

وَأَمَّا مَا يُعْمَلُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِ عَلَى مَا يُفْهِمُ الشُّكْرَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ التِّلَاوَةِ وَالْإِطْعَامِ وَالصَّدَقَةِ وَإِنْشَادِ شَيْءٍ مِنْ الْمَدَائِحِ النَّبَوِيَّةِ وَالزُّهْدِيَّةِ الْمُحَرِّكَةِ لِلْقُلُوبِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>