للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظَّالِمُ) مِنْ ظُلْمِهِ بِنَهْيِهِ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِغَيْرِ تَعْزِيرٍ وَثَانِيًا بِالتَّعْزِيرِ وَبِتَعْزِيرِهَا مُطْلَقًا وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ لَهُ شُبْهَةً مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا عَلَيْهَا فِي التَّأْدِيبِ فَاحْتِيطَ لَهُ بِخِلَافِهَا فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ حَالَ بَيْنَهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ مِنْ جَرَاءَتِهِ وَتَهَوُّرِهِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَى بِهَا أَفْرَطَ فِي إضْرَارِهَا حَالَ وُجُوبًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْإِسْكَانَ بِجَنْبِ الثِّقَةِ لَا يُفِيدُ حِينَئِذٍ ثُمَّ رَأَيْت الْإِمَامَ قَالَ إنْ ظَنَّ تَعَدِّيهِ لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ تَحَقَّقَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَخَافَ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا حَالَ بَيْنَهُمَا لِئَلَّا يَبْلُغَ مِنْهَا مَا لَا يُسْتَدْرَكُ قَالَ غَيْرُهُ فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ أَرَادَ الْأَوَّلَ وَمَنْ ذَكَرَهَا كَالْغَزَالِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفِ فِي تَنْقِيحِهِ أَرَادَ الثَّانِي وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته وَشَيْخُنَا قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ وَالْإِسْكَانِ اهـ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ الْإِسْكَانِ تَوَلُّدَ مَا مَرَّ.

(فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) أَيْ الْخِلَافُ (بَعَثَ الْقَاضِي) وُجُوبًا وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ رَفْعِ الظِّلَامَاتِ وَهُوَ مِنْ الْفُرُوضِ الْعَامَّةِ وَالْمُتَأَكِّدَةِ عَلَى الْقَاضِي (حَكَمًا) وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا) وَيُسَنُّ كَوْنُهُ (مِنْ أَهْلِهَا) لِلْآيَةِ فَلَا يَكْفِي حَكَمٌ وَاحِدٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَكَمَيْنِ يَنْظُرَانِ فِي أَمْرِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاءِ حُكْمِ كُلٍّ بِهِ وَمَعْرِفَةِ مَا عِنْدَهُ (وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا رَشِيدَانِ فَلَا يُوَلَّى عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا إذْ الْبُضْعُ حَقُّهُ وَالْمَالُ حَقُّهَا (وَفِي قَوْلٍ) حَاكِمَانِ (مُوَلَّيَانِ مِنْ الْحَاكِمِ) لِتَسْمِيَتِهِمَا فِي الْآيَةِ حَكَمَيْنِ وَقَدْ يُوَلَّى عَلَى الرَّشِيدِ كَالْمُفْلِسِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ عَلَى مَالِ الْمُفْلِسِ لَا ذَاتِهِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا) بِبَعْثِهِمَا (فَيُوَكِّلُ) هُوَ (حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ وَتُوَكِّلُ) هِيَ (حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ) ثُمَّ يَفْعَلَانِ الْأَصْلَحَ مِنْ صُلْحٍ أَوْ تَفْرِيقٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ رَأْيُهُمَا بَعَثَ الْقَاضِي اثْنَيْنِ لِيَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَلِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْقَاضِي اشْتَرَطَ فِيهِمَا مَا فِي أَمِينِهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ وَعَدَالَةٍ وَاهْتِدَاءٍ لِلْمَقْصُودِ وَيُسَنُّ ذُكُورَتُهُمَا فَإِنْ عَجَزَا عَنْ تَوَافُقِهِمَا أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ وَاسْتَوْفَى حَقَّ الْمَظْلُومِ وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ فِي طَلَاقٍ أَنْ يُخَالِعَ؛ لِأَنَّ وَكِيلَهُ وَإِنْ أَفَادَهُ مَا لَا فَوْتَ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ وَلَا لِوَكِيلٍ فِي خُلْعٍ أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا.

(كِتَابُ الْخُلْعِ)

بِالضَّمِّ مِنْ الْخَلْعِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ النَّزْعُ؛ لِأَنَّ كُلًّا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ كَمَا فِي الْآيَةِ وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ} [النساء: ٤] وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَقَدْ سَأَلَتْهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى حَدِيقَتِهَا الَّتِي أَصْدَقَهَا إيَّاهَا خُذْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ وَأَصْلُهُ مَكْرُوهٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

الظَّالِمُ) أَيْ وَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ حَالُهُمَا مُنِعَ الظَّالِمُ مِنْهُمَا مِنْ عَوْدِهِ لِظُلْمِهِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ وَقَوْلُهُ وَبِتَعْزِيرِهَا أَيْ الزَّوْجَةِ عَطْفٌ عَلَى بِنَهْيِهِ لَهُ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحٍ فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ هُنَاكَ ثُمَّ قَالَ هُنَا وَطَرِيقُهُ أَيْ الْمَنْعِ فِي الزَّوْجِ مَا سَلَف وَفِي الزَّوْجَةِ بِالزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ كَغَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ حَالَ بَيْنَهُمَا) أَيْ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ عَدْلٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَرَادَ الْأَوَّلَ) أَيْ مُجَرَّدُ ظَنِّ تَعَدِّي الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ أَرَادَ الثَّانِي أَيْ مَا لَوْ تَحَقَّقَهُ الْقَاضِي أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَخَافَ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ كَلَامُ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرْته وَهُوَ قَوْلُهُ بَلْ يَظْهَرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَشَيْخُنَا قَالَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ (قَوْلُهُ وَالْإِسْكَانِ) أَيْ بِجِوَارِ الْعَدْلِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا حَالَ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً وُجُوبًا.

(قَوْلُهُ تَوَلَّدَ مَا مَرَّ) أَيْ إفْرَاطُهُ فِي إضْرَارِهَا إنْ ظَنَّ أَيْ الْحَاكِمُ.

. (قَوْلُهُ الْخِلَافُ) زَادَ الْمُغْنِي وَالْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ دَامَ بَيْنَهُمَا التَّسَابُّ وَالتَّضَارُبُ اهـ.

(قَوْلُهُ وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا رَشِيدَانِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ إلَّا فِي الْمُوَلَّى وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّ التَّوْلِيَةَ هُنَا فِي حَقِّهِمَا لَا ذَاتِهِمَا اهـ سم.

(قَوْلُهُ فَيُوَكِّلُ هُوَ) أَيْ إنْ شَاءَ وَقَوْلُهُ وَتُوَكِّلُ هِيَ أَيْ إنْ شَاءَتْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَوْ تَفْرِيقٍ) أَيْ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ إلَخْ) وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ جُنَّ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَهُ لَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جُنَّ قَبْلَ الْبَعْثِ لَمْ يَجُزْ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ وَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ نَفَذَ أَمْرُهُمَا كَمَا فِي سَائِرِ الْوُكَلَاءِ مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُمَا وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَخْ فِي النِّهَايَةِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ اثْنَيْنِ) أَيْ غَيْرِهِمَا اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمِينَيْنِ غَيْرُهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِوَكِيلٍ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خُذْ مَالِي أَيْ الَّذِي تَحْتَ يَدِهَا مِنْهَا ثُمَّ طَلِّقْهَا أَوْ طَلِّقْهَا عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مَالِي مِنْهَا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الطَّلَاقِ وَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْ مَالِي مِنْهَا وَطَلِّقْهَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَكَالتَّوْكِيلِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ التَّوْكِيلُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ كَأَنْ قَالَتْ خُذْ مَالِي مِنْهُ ثُمَّ اخْتَلِعْنِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَكِيلَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَفَادَ مُوَكِّلُهُ مَالًا إلَخْ.

[كِتَابُ الْخُلْعِ]

(كِتَابُ الْخُلْعِ) (قَوْلُهُ بِالضَّمِّ) إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَزِيدُ إلَى وَإِذَا فَعَلَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا لِبَاسٌ لِلْآخَرِ) فَكَأَنَّهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَوْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: ٦] عِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ.

. (قَوْلُهُ وَبِتَعْزِيرِهَا مُطْلَقًا إلَخْ) كَذَا م ر.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفَحَشَ وَجَبَ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا لَهَا وَحَكَمًا لَهُ بِرِضَاهُمَا لِيُصْلِحَا أَوْ يُفَرِّقَا بِطَلْقَةٍ إنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ اهـ وَقَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّ التَّوْلِيَةَ هُنَا فِي حَقِّهِمَا لَا ذَاتِهِمَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَكِيلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ.

(كِتَابُ الْخُلْعِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>