للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا فَوَّضَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ النِّكَاحِ حِينَئِذٍ لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ (وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَسْتَبْرِئُ الرَّحِمَ الَّتِي كَانَتْ لِي مِنْك.

(فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ (خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ وَتَعْلِيقُهُ) بِالرَّفْعِ، وَيَصِحُّ جَرُّهُ لَكِنَّهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْخِطَابِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ أَصْلِ الْخِطَابِ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرُ (بِنِكَاحٍ) كَإِنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (وَغَيْرُهُ) كَقَوْلِهِ؛ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ (لَغْوٌ) إجْمَاعًا فِي الْمُنْجَزِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» وَحَمْلُهُ عَلَى الْمُنَجَّزِ يَرُدُّهُ خَبَرُ الدَّارَقُطْنِيّ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي عَرَضَتْ عَلَيَّ قَرَابَةً لَهَا فَقُلْتُ هِيَ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتهَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَلَكَ قُلْت لَا قَالَ لَا بَأْسَ» وَخَبَرُهُ أَيْضًا «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَجُلٍ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَ طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ» وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ وُقُوعِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نُقِضَ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ إذْ شَرْطُهُ إجْمَاعًا كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ وُقُوعُ دَعْوَى مُلْزِمَةٍ وَقَبْلَ الْوُقُوعِ دَعْوَى مُلْزِمَةٌ وَقَبْلَ الْوُقُوعِ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ نَعَمْ نُقِلَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ دَعْوَى كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَا يُنْقَضُ حُكْمٌ بِذَلِكَ صَدَرَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ بَاطِلٌ كَذَلِكَ.

(وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ إنْ عَتَقْتُ) فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (أَوْ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ) أَيْ الثَّلَاثُ (إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَاسْتَتْبَعَ وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ مُفِيدٌ لِتِلْكَ الثَّلَاثِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ وُجِدَ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَارَنَ الدُّخُولَ لَفْظُ الْعِتْقِ لَمْ تَقَعْ الثَّالِثَةُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ بِآخِرِ الصِّيغَةِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهُ مِنْ أَوَّلِهَا فَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّهُ بِآخِرِ لَفْظِ الْعِتْقِ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مِلْكَهُ لِلثَّلَاثِ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهُوَ مُقَارِنٌ لِلدُّخُولِ فِي صُورَتِنَا فَلْيَقَعْ فِيهِمَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ إنْ صَارَ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ أَوْ مَعَهُ عَتِيقًا.

(وَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ رَجْعِيَّةً) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ هُنَا وَفِي الْإِرْثِ وَصِحَّةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ عَنَاهَا الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (لَا مُخْتَلِعَةً) لِانْقِطَاعِ عِصْمَتِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي تِلْكَ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا وَخَبَرُ «الْمُخْتَلِعَةُ

ــ

[حاشية الشرواني]

بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ (قَوْلُهُ: الْمُفِيدَ) أَيْ التَّصْرِيحَ لِذَلِكَ أَيْ اشْتِرَاطِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ) أَيْ قَالَ الْآخَرُ لِلزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: إذَا فَوَّضَهَا) أَيْ تِلْكَ الصِّيغَةَ مَعَ النِّيَّةِ

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ حَكَمَ) فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ) أَيْ مَحَلِّ الطَّلَاقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَعْلِيقُهُ أَيْ الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَفَسَخَهُ قَالَ الْعَبَّادِيُّ انْفَسَخَتْ الْيَمِينُ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بِإِبْطَالِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الصَّحِيحَةِ لَا تَنْفَسِخُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) أَيْ عَطْفًا عَلَى خِطَابُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جَرُّهُ أَيْ عَطْفًا عَلَى طَلَاقٍ لَكِنَّهُ أَيْ الْجَرَّ (قَوْلُهُ: يُوهِمُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْحَاصِلَ مُجَرَّدُ إيهَامٍ لَا أَنَّهُ يُخْرِجُ غَيْرَ الْخِطَابِ صَرِيحًا وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ سم مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْخِطَابِ هُنَا الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِمْ الْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ إلَخْ فَإِنَّ تَسْمِيَةَ كَلَامِ اللَّهِ خِطَابًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ اشْتِمَالُهُ عَلَى أَدَاةِ خِطَابٍ بَلْ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ نَحْوَ الْغَيْرِ وَتَعْلِيقُهُ بِهِ. انْتَهَى. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَصْلِ الْخِطَابِ) أَيْ الشَّامِلِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: «لَا طَلَاقَ إلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ» ) قَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى وَاقِعٌ لَا مُوقَعٌ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَخَّرَهُ أَيْ الْحَدِيثَ عَنْ الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ نَفْيَ إيقَاعِ الطَّلَاقِ أَيْ إنْشَائِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، وَيَحْتَمِلُ نَفْيَ وُقُوعِهِ فَيَشْهَدُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُتَقَدِّمِ إنْشَاؤُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ. اهـ.

أَقُولُ وَقَدْ يُقَالُ لَا مَوْقِعَ لِإِشْكَالِ السَّيِّدِ عُمَرَ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْمُنَجَّزِ إلَخْ الدَّافِعِ لَهُ عَلَى أَنَّ نَفْيَ الشَّارِحِ فَرْعَ إمْكَانِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُورٍ فَلَا مَعْنَى لِحَمْلِ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: قَرَابَةً) أَيْ ذَاتَ قَرَابَةٍ أَوْ هُوَ بِمَعْنَى قَرِيبَةٍ وَقَوْلُهُ: مَلَكَ أَيْ زَوْجَتَهُ وَقَوْلُهُ: لَا بَأْسَ أَيْ بِنِكَاحِهَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: يَوْمَ أَتَزَوَّجُ فُلَانَةَ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوعِهِ) أَيْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ظَرْفُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: يَرَاهُ) أَيْ صِحَّةَ ذَلِكَ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مِلْكَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِتْقِ هُنَا مَعْنَاهُ لَا لَفْظُهُ (قَوْلُهُ: فَلْيَقَعْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثِ فِيهِمَا أَيْ فِي الْبَعْدِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَلْتَقَعْ فِيهَا بِتَأْنِيثِ الْفِعْلِ وَحَذْفِ الْمِيمِ. اهـ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: فَلْتَقَعْ فِيهَا نَظَرٌ مَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُقُوعِ الثَّالِثَةِ لَوْ قِيلَ بِهِ فَإِنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِلْأَرِقَّاءِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تَعُودُ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ. اهـ. ع ش وَقَدْ يُقَالُ يَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي التَّعَالِيقِ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِذَلِكَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ إلَخْ) هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ) أَيْ فِي أَحْكَامِهَا. اهـ. سم زَادَ ع ش وَمِثْلُ هَذِهِ الْخَمْسِ غَيْرُهَا مِنْ حُرْمَةِ نِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لَهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّافِعِيُّ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَشْمَلُهَا مِنْ الْآيَاتِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا مُخْتَلِعَةً) أَيْ بَائِنَةً كَمَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ) (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْخِطَابِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالْخِطَابِ هُنَا الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِمْ الْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ إلَخْ فَإِنَّ تَسْمِيَةَ كَلَامِ اللَّهِ خِطَابًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ اشْتِمَالُهُ عَلَى إرَادَةِ خِطَابٍ بَلْ تَوْجِيهُ الْكَلَامِ نَحْوَ الْغَيْرِ وَتَعْلِيقُهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُلْتَفَتُ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُولَ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ أَوْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا فَلْيُرَاجَعْ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَاكَ وَمَا هُنَا حَيْثُ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ.

(قَوْلُهُ: فِي خَمْسِ آيَاتٍ) أَيْ فِي أَحْكَامِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>