للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّيْفَ فِيمَا قَبْلُ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ بَخِيلًا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي الثَّانِيَ فَقَطْ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى قِيلَ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ عُرْفِ الشَّرْعِ أَمَّا فِيهِ فَهُوَ مَنْ يَمْنَعُ مَالًا لَزِمَهُ بَذْلُهُ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ يُؤَدِّي ذَيْنِك لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ دَيْنٍ لَزِمَهُ فَوْرًا لَا يُسَمَّى بَخِيلًا وَإِنَّ ضَبْطَهُ بِمَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُرْفِ الْعَامِّ لِعَدَمِ وُجُودِ ضَابِطٍ لَهُ لُغَةً، وَلَا شَرْعًا، وَهُوَ وَاضِحٌ

(فَرْوعٌ) أَكْثَرُهَا لَا نَقْلَ فِيهِ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ عَلَّقَ بِغَيْبَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِلَا نَفَقَةٍ، وَلَا مُنْفِقٍ اُحْتِيجَ فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ جَمِيعِهِ إلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ حَتَّى تَرَكَهَا بِلَا نَفَقَةٍ، وَلَا مُنْفِقٍ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ كَالشَّهَادَةِ بِالْإِعْسَارِ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَبِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا، وَلَا عَمْرًا فَكَلَّمَهُمَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ كَمَا فِي الْأَيْمَانِ لَا عَادَةً لَا خِلَافًا لِمَا فِي الْخَادِمِ مِنْ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا يَأْتِي ثَمَّ وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَإِنْ فَعَلْت كَذَا بِمَحَلِّ كَذَا، وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَفِي رُجُوعِ قَيْدِ الْوَسَطِ إلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَرَدُّدٌ وَالْمُرَجَّحُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي الْمُتَعَلِّقَاتِ وَلِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَمُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الثَّانِي وَهُمَا يَرْجِعَانِ لِلْكُلِّ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْوَسِيطِ فِي إنْ كَلَّمْت زَيْدًا الْيَوْمَ وَعَمْرًا بِشُمُولِ الْيَوْمِ لَهُمَا أَوْ إنْ امْتَنَعْت مِنْ الْحَاكِمِ لَا حِنْثَ بِالْهَرَبِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ أَنْ يُطْلَبَ فَيَمْتَنِعُ أَوْ مَتَى مَضَى يَوْمُ كَذَا مَثَلًا، وَلَمْ أُوَفِّ فُلَانًا دَيْنَهُ فَأُعْسِرَ لَمْ يَحْنَثْ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ.

وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْكَافِي إنْ لَمْ تُصَلِّ الْيَوْمَ الظُّهْرَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْفَرْضُ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِلَّا طَلُقَتْ

ــ

[حاشية الشرواني]

الضَّيْفَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّيْفِ هُنَا خُصُوصَ الْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ بَلْ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ، وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِكْرَامِهِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: الثَّانِي فَقَطْ) أَيْ مَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ

(قَوْلُهُ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ مِمَّنْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ وَمَنْ لَا يَقْرِي الضَّيْفَ

(قَوْلُهُ: قَالَ شَيْخُنَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ عُرْفِ الشَّرْعِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ

(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ بَذْلُهُ) أَيْ فَيَدْخُلُ الدِّينُ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: ذَيْنِك) أَيْ الزَّكَاةُ وَالضِّيَافَةُ

(قَوْلُهُ: فَوْرًا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلُّزُومِ لَا لِلْأَدَاءِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَبَطَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ صَرِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) أَيْ عَنْ التَّتِمَّةِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ

[فَرْعٌ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا كَذَا بِمَحَلِّ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ تَرَكَهَا كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَخْ) (فُرُوعٌ) لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ، وَكَذَا إنْ كَلَّمَتْهُ، وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرَ الطَّافِحَ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيُكَلِّمُ هُوَ عَادَةً فَإِنْ كَلَّمَتْهُ فِي نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ كَلَّمَتْهُ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ أَوْ كَلَّمَتْهُ بِهَمْسٍ، وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ أَوْ نَادَتْهُ مِنْ مَكَان لَا يَسْمَعُ مِنْهُ، وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ إلَيْهِ وَسَمِعَ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى تَكْلِيمًا عَادَةً، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَا يَسْمَعُ لِذُهُولٍ مِنْهُ أَوْ لِشُغْلٍ أَوْ لَغَطٍ وَلَوْ كَانَ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ، وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ فَكَلَّمَتْهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصَمَّ لَسَمِعَ فَقِيلَ تَطْلُقُ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ حِمَارًا وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ حَائِطًا مَثَلًا، وَهُوَ يَسْمَعُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا أَوْ زَوْجَهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فَإِنْ قَالَ قَصَدْت مَنْعَهَا مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا وَانْحَلَّتْ فَلَا يَقَعُ بِتَكْلِيمِ الْآخَرِ شَيْءٌ أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِكَلَامِهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا ثُمَّ عَمْرًا أَوْ زَيْدًا فَعَمْرًا اُشْتُرِطَ تَكْلِيمُ زَيْدٍ أَوَّلًا وَتَكْلِيمُ عَمْرٍو بَعْدَهُ مُتَرَاخِيًا فِي الْأُولَى وَعَقِبَ كَلَامِ زَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَبَعْضُ ذَلِكَ قَدْ مَرَّ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ) أَيْ فِي الْأَيْمَانِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت إلَخْ) تَصْوِيرُهُ أَنْ يَقُولَ مَثَلًا إنْ أَكْرَمْت زَيْدًا، وَإِنْ أَهَنْت عَمْرًا بِمِصْرَ، وَإِنْ كَلَّمْت بَكْرًا اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَمُتَقَدِّمَةٌ) وَكَانَ يَنْبَغِي التَّذْكِيرُ؛ لِأَنَّ الضَّمَائِرَ لِقَيْدِ الْوَسَطِ

(قَوْلُهُ: وَهُمَا) أَيْ الْقَيْدُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْكُلِّ وَالْقَيْدُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: بِشُمُولِ الْيَوْمِ) أَيْ رُجُوعِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ امْتَنَعْت إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ مَتَى مَضَى يَوْمُ كَذَا إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِشَخْصٍ فَطَالَبَهُ فَحَلَفَ الْمَدْيُونُ بِالطَّلَاقِ مَتَى أَخَذْت مِنِّي هَذَا الْمَبْلَغَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَا أَسْكُنُ فِي هَذِهِ الْحَارَةِ ثُمَّ إنَّهُ تَعَوَّضَ فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قُمَاشًا وَانْتَقَلَ مِنْ وَقْتِهِ فَهَلْ إذَا عَادَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا الْجَوَابُ هُنَا أَمْرَانِ الْأَوَّلُ كَوْنُهُ تَعَوَّضَ بِالْمَبْلَغِ قُمَاشًا وَالْحَلِفُ عَلَى أَخْذِ هَذَا الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ نَقْدٌ وَالْمَأْخُوذُ غَيْرُ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْأَخْذِ مُطْلَقَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَقَعُ حِينَئِذٍ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَالثَّانِي الْعَوْدُ بَعْدَ النَّقْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، وَهِيَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ وَقَعَ، وَهِيَ صُورَةُ قَصْدِ مُطْلَقِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْحَلِفُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَيَحْنَثُ بِالسُّكْنَى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ انْتَهَى اهـ سم بِحَذْفِ

(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَصِلْ إلَخْ) عَلَى حَذْفِ فِي مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْكَافِي

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ إلَخْ) مَقُولُ قَوْلِ الْكَافِي وَالضَّمِيرُ لِطُرُوِّ الْحَيْضِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

خَفَاءَ عَلَى عَاقِلٍ أَنَّ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ لِدُنْيَا غَيْرِهِ أَقْبَحُ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَهُ لَا لِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ قَبِيحَيْنِ تَرْكَ دِينِهِ وَالِاشْتِغَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>