للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ بِطَبْعِهَا مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى فِي الْمَضِيقِ وَالسَّبُعُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ الْمُتَّسَعِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبُعُ الْمُغْرَى فِي الْمُتَّسَعِ ضَارِيًا شَدِيدَ الْعَدْوِ وَلَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ وَدَعَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ هَدَرٌ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ السَّيْرِ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا إلْجَاءَ مِنْ الدَّاعِي وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِخُصُوصِهِ وَدَعَاهُ لِمَحَلٍّ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَأَتَاهُ فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَإِلْجَاءٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّاهَا لِيَقَعَ بِهَا مَنْ يَمُرُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ إذْ لَا تَتَحَقَّقُ الْعَمْدِيَّةُ مَعَ عَدَمِ التَّعَيُّنِ كَمَا مَرَّ أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ

(فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشِرَيْنِ) إذَا (وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا مُقْتَرِنَيْنِ فِي زَمَنِ الْجِنَايَةِ بِأَنْ تَقَارَنَا فِي الْإِصَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ مُخَالِفًا لِثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الْوَقْتِ كَجَمِيعًا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ (فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ) لِلرُّوحِ (مُذَفِّفَانِ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ مُسْرِعَانِ لِلْقَتْلِ (كَحَزٍّ) لِلرَّقَبَةِ (وَقَدٍّ) لِلْجُثَّةِ (أَوْ لَا) أَيْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ (كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ) أَوْ جُرْحَيْنِ أَوْ جُرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ وَمِائَةٍ مَثَلًا مِنْ آخَرَ فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَقَاتِلَانِ) فَيُقْتَلَانِ

ــ

[حاشية الشرواني]

يُنْقَلُ عَنْ بَعْضِ الْحَيَّاتِ مِنْ أَنَّ لَهَا ضَرَاوَةً كَالسَّبُعِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ إشَارَةً لِذَلِكَ سَيِّدْ عُمَرْ عِبَارَةُ ع ش ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ شَدِيدَةَ الضَّرَاوَةِ لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي بِئْرٍ بِهَا ضَارٌّ مِنْ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ أَوْ مَجْنُونٍ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي الْحَيَّةِ وَصْفُ الضَّرَاوَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُتَّسَعٍ أَوْ مَضِيقٍ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: يَثِبُ) أَيْ يَظْفَرُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الْمَضِيقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَبَطَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى مَا اُعْتِيدَ مِنْ تَرْبِيَةِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ ع ش (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَا إلْجَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) بِالْإِضَافَةِ سم (قَوْلُهُ: بِخُصُوصِهِ) أَيْ بِخُصُوصِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْمَدْعُوِّ مَمَرٌّ غَيْرُهُ فَتَأَمَّلْ ع ش أَقُولُ يَرُدُّ الْمُرَادَ الْمَذْكُورَ كَلَامُ الشَّارِحِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلضَّمَانِ بِالْمَالِ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ دِيَةٌ وَانْظُرْ أَيَّ دِيَةٍ هِيَ اهـ أَقُولُ قَضِيَّةُ مَا قَدَّمْنَا عَنْ الرَّشِيدِيِّ وَعِ ش فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فِي قَصْدِ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ لَا بِعَيْنِهِ أَنَّهَا دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي حَدِّ الْعَمْدِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَعَاهُ وَالْغَالِبُ مُرُورُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ غَطَّاهُ وَكَتَغْطِيَتِهَا عَدَمُ تَغْطِيَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَرَهُ الْمَدْعُوُّ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ سم وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْغَالِبِ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ النَّادِرُ فِيهِ كَغَالِبٍ ع ش.

[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ]

(فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشِرَيْنِ) (قَوْلُهُ: فِي اجْتِمَاعٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ) أَيْ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مُغْنِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا إلَخْ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ مُبَاشَرَتَيْنِ) بِفَتْحِ الشِّينِ (قَوْلُ الْمَتْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ) أَيْ مَثَلًا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ قَوْلِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا قَرِينَةَ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ لَفْظَةَ مَعًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا قَرِينَةَ) وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْهَاهُ إلَخْ الْمُفِيدُ لِلتَّرْتِيبِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ عِنْدَ الِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ سم وَعِ ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِعْلَانِ) أَيْ مَثَلًا مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ مُزْهِقَانِ) صِفَةُ فِعْلَانِ وَقَوْلُهُ مُذَفِّفَانِ صِفَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُهُ أَوْ لَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ مُذَفِّفَانِ صِفَةَ فِعْلَانِ؛ لِأَنَّهُ قَسَّمَ الْفِعْلَيْنِ إلَى الْمُذَفِّفَيْنِ وَغَيْرِ الْمُذَفِّفَيْنِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُمَا مُذَفِّفَانِ أَوْ لَا انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ لَا سَنَدَ لَهُ لَا نَقْلًا وَلَا عَقْلًا إذْ لَا مَنْعَ مِنْ وَصْفِ الشَّيْءِ بِصِفَتَيْنِ مُبَايِنَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ إلَخْ مِنْهُ الْمُغْنِي وَالْعَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: مُزْهِقَانِ لِلرُّوحِ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَأَمْكَنَ إحَالَةُ الْإِزْهَاقِ عَلَيْهِ مُغْنِي أَيْ، وَلَوْ بِالسِّرَايَةِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ جَرْحٍ مِنْ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ وَاحِدٍ وَقَطْعِ أَعْضَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ آخَرَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ع ش (قَوْلُهُ فَيُقْتَلَانِ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ وَكَذَا الدِّيَةُ إذَا وَجَبَتْ لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنْهُمَا اهـ وَعِبَارَةُ ع ش فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا الْجِرَاحَاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مُطْلَقًا) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ دُونَ الْمُتَّسَعِ) قَالَ فِي شَرْحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْجِئْهُ إلَى قَتْلٍ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ يَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الْمُتَّسَعِ فَجُعِلَ إغْرَاؤُهُ كَالْعَدَمِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ أَمَرَ مَجْنُونًا ضَارِيًا أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهِ بِقَتْلٍ فَقَتَلَ وَلَوْ بِمُتَّسَعٍ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ تَقْيِيدُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ حَثَّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ بِالضَّارِي فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَمْرِ وَبَيْنَ الْحَثِّ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ إغْرَاءِ السَّبُعِ وَالْمَجْنُونُ الضَّارِي كَالسَّبُعِ الْمُغْرَى فِي الْمَضِيقِ وَفَارَقَهُ فِي الْمُتَّسَعِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّسَعَ يَنْفِرُ فِيهِ مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ انْتَهَى.

فَقَيَّدَ إغْرَاءَ الْمَجْنُونِ بِالضَّارِي (قَوْلُهُ: بِمَمَرِّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) مُضَافٌ لِغَيْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلضَّمَانِ بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُمَيِّزُ) وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَعَاهُ وَالْغَالِبُ مُرُورُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ غَطَّاهَا وَكَتَغْطِيَتِهَا عَدَمُ تَغْطِيَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَرَهَا الْمُدَّعُو لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ

(فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشِرَيْنِ) (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا قَرِينَةَ) وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ مُزْهِقَانِ) صِفَةُ فِعْلَانِ وَقَوْلُهُ مُذَفِّفَانِ صِفَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُهُ أَوْ لَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ غَيْرُ مُذَفِّفَيْنِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ مُذَفِّفَانِ صِفَةَ فِعْلَانِ؛ لِأَنَّهُ قَسِيمُ الْفِعْلَيْنِ أَيْ الْمُذَفِّفَيْنِ وَغَيْرِ الْمُذَفِّفَيْنِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ خَبَرَ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُمَا مُذَفِّفَانِ أَوْ لَا انْتَهَى، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ لَا سَنَدَ لَهُ نَقْلًا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>