للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا بِقَطْعِ اللَّحْمَيْنِ النَّاتِئَيْنِ بِجَنْبِ سِلْسِلَةِ الظَّهْرِ كَالْأَلْيَيْنِ وَفِي كَسْرِ عُضْوٍ، أَوْ تَرْقُوَةٍ حُكُومَةٌ وَيُحَطُّ مِنْ دِيَةِ الْعُضْوِ وَنَحْوِهِ بَعْضُ جِرْمٍ لَهُ مُقَدَّرٍ وَوَاجِبُ جِنَايَةِ غَيْرِهِ.

(فَرْعٌ) فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (فِي) إزَالَةِ (الْعَقْلِ) الْغَرِيزِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ بِنَحْوِ لَطْمَةٍ (دِيَةٌ) كَاَلَّتِي فِي نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي سَائِرِ مَا مَرَّ وَيَأْتِي إجْمَاعًا لَا الْقَوَدُ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا كَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فِي الْقَلْبِ لِلْآيَةِ وَإِنَّمَا زَالَ بِفَسَادِ الدِّمَاغِ لِانْقِطَاعِ مَدَدِهِ الصَّالِحِ الْوَاصِلِ إلَيْهِ مِنْ الْقَلْبِ فَلَمْ يَنْشَأْ زَوَالُهُ حَقِيقَةً إلَّا مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ أَمَّا الْمُكْتَسَبُ وَهُوَ مَا بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ وَالْحَلْقُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا تَبْلُغُ دِيَةَ الْغَرِيزِيِّ وَكَذَا بَعْضُ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَإِنْ انْضَبَطَ بِالزَّمَنِ أَوْ بِمُقَابَلَةِ الْمُنْتَظِمِ بِغَيْرِهِ فَالْقِسْطُ، وَلَوْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ وَقَدَّرَ لَهُ خَبِيرَانِ مُدَّةً يَعِيشُ إلَيْهَا غَالِبًا انْتَظَرَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَوْدِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَمَا فِي الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ (فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ) مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ (أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ الدِّيَةُ وَالْأَرْشُ، أَوْ الْحُكُومَةُ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ (وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ) كَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا كَأَرْشِ الْيَدَيْنِ كَمَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ وَاجِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَدَقَةِ وَوَاجِبِ الضَّوْءِ وَيُجَابُ بِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ هُنَا يَقِينًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَلَوْ اُدُّعِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْنُونِ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ وَلِيِّهِ أَوْ لِلْفَاعِلِ وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ إذْ مِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

اهـ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أَوْ مَاتَ بِسَبَبِ السَّلْخِ، أَوْ حَزَّهُ السَّالِخُ وَاتَّحَدَتْ الْجِنَايَتَانِ عَمْدًا وَغَيْرَهُ فَاقْتِصَارُ ع ش عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى لِغَلَبَتِهَا.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ مَاتَ بِسَبَبِ السَّلْخِ، أَوْ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ حَزَّ السَّالِخُ رَقَبَتَهُ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ دِيَةُ النَّفْسِ إنْ عَفَا عَنْ الْعُقُودِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ أَيْضًا إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ اللَّحْمُ النَّاتِئُ عَلَى الظَّهْرِ فِي جَانِبَيْ السِّلْسِلَةِ فِيهِ حُكُومَةٌ وَجَرَى فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ دِيَةٌ قِيلَ، وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَرْقُوَةٍ) وَزْنُهَا فَعْلُوَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ ثُغْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ وَيَحُطُّ مِنْ دِيَةِ الْعُضْوِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ وُجُوبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْإِحْرَامِ بِأَنَّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا بَعْضٌ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَلَمْ تَسْبِقْ فِيهَا جِنَايَةٌ وَإِلَّا حُطَّ مِنْ الدِّيَةِ مِقْدَارُ مَا نَقَصَ وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يَعْنِي إذَا ذَهَبَ مِنْ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ نَحْوُهُ بَعْضُ جُزْءٍ، وَلَوْ بِآخَرَ كَآفَةٍ أُصْبُعُ ذَهَبَتْ مِنْ الْيَدِ حُطَّ وَاجِبُ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ الدِّيَةِ الَّتِي يُضْمَنُ الْعُضْوُ بِهَا وَكَذَا إذَا جَنَى عَلَى الْعُضْوِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً أَوَّلًا ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا فَيُحَطُّ عَنْ الْجَانِي الثَّانِي قَدْرُ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي الْأَوَّلِ. اهـ

(قَوْلُهُ بَعْضُ جِرْمٍ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فَعَيْنٌ فَضَادٌ مُعْجَمَةٌ وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ نَقْصٍ بِنُونٍ فَقَافٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ رَشِيدِيٌّ.

[فَرْعٌ مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ]

(فَرْعٌ) فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ فِي مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ) إلَى قَوْلِهِ وَفِي إبْطَالِ السَّمْعِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ إلَى الَّذِي بِهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَى إجْمَاعًا وَقَوْلُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لِلْآيَةِ إلَى أَمَّا الْمُكْتَسَبُ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي الْعَقْلِ) قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي عَمِيرَةٌ سم وَع ش (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِلْمُ إلَخْ) اُنْظُرْ السَّبَبَ الدَّاعِيَ إلَى تَفْسِيرِهِ هُنَا بِالْعِلْمِ دُونَ مَا مَرَّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يَزُولُ إنَّمَا هُوَ الْغَرِيزَةُ الَّتِي يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ لَا نَفْسُهُ فَقَطْ ع ش وَقَدْ يُقَالُ سَبَبُهُ أَنَّ الْمُتَحَقَّقَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا إنَّمَا هُوَ زَوَالُ الْعِلْمِ لَا الْغَرِيزَةِ (قَوْلُهُ الَّذِي بِهِ إلَخْ) صِفَةُ الْغَرِيزِيِّ وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ لَطْمَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِإِزَالَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي سَائِرِ إلَخْ) تَأْكِيدٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ دِيَةٌ

(قَوْلُهُ إجْمَاعًا) أَيْ مِنْ الْأُمَّةِ لَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَقَطْ وَهَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ عَبَّرَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الِاتِّفَاقُ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي اتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ إلَخْ) وَقِيلَ الدِّمَاغُ وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ مَسْكَنُهُ الدِّمَاغُ وَتَدْبِيرُهُ فِي الْقَلْبِ وَسُمِّيَ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ يَعْقِلُ صَاحِبَهُ عَنْ التَّفَرُّطِ فِي الْمَهَالِكِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فِي الْقَلْبِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ فِي (قَوْلُهُ لِلْآيَةِ) هِيَ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] ع ش (قَوْلُهُ لِانْقِطَاعِ مَدَدِهِ) أَيْ مَدَدِ الدِّمَاغِ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ بِدَلِيلِ آخِرِهِ أَنَّ الدِّمَاغَ حَيْثُ مَا فَسَدَ فَإِنَّمَا يَنْشَأُ فَسَادُهُ مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ إذْ بِفَسَادِ الْقَلْبِ يَنْقَطِعُ الْمَدَدُ الَّذِي كَانَ يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ مِنْهُ فَيَفْسُدُ الدِّمَاغُ بِفَسَادِهِ فَفَسَادُهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ فَسَادِ الْقَلْبِ فَالْعَقْلُ إنَّمَا زَالَ فِي الْحَقِيقَةِ بِفَسَادِ الْقَلْبِ رَشِيدِيٌّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ

(قَوْلُهُ مِنْ الْقَلْبِ) صِلَةٌ لِلِانْقِطَاعِ ع ش وَيَظْهَرُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ قَلْبًا وَحَقُّهَا إلَى الْقَلْبِ مِنْهُ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْضُ الْأَوَّلِ) أَيْ الْغَرِيزِيِّ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنْ انْضَبَطَ) أَيْ بَعْضُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِالزَّمَنِ) أَيْ كَأَنْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا، وَقَوْلُهُ أَوْ بِمُقَابَلَةِ الْمُنْتَظِمِ إلَخْ بِأَنْ يُقَابَلَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا مُغْنِي وَع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ وَقَدَّرَ لَهُ إلَخْ) فَإِنْ اسْتَبْعَدَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُقَدِّرُوا لَهُ مُدَّةً أُخِذَتْ الدِّيَةُ فِي الْحَالِ مُغْنِي (قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ عَادَ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي سِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغَرْ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ) أَيْ وَنَحْوِهِمَا مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ حُكُومَةٌ) أَيْ كَالْبَاضِعَةِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَجَبَا) فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَاثُ دِيَاتٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْحُكُومَةُ) أَيْ أَوْ الدِّيَةُ وَالْحُكُومَةُ

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ إلَخْ) الْكَافُ لِلْقِيَاسِ وَقَوْلُهُ كَأَرْشِ الْمُوضِحَةِ الْكَافُ فِيهِ لِلتَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْقِيلُ قَائِلٌ بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ وَلِيِّهِ) ظَاهِرُهُ مِنْهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُنُونِ الْمُتَقَطِّعِ وَالْمُطْبَقِ فِي أَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْوَلِيِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَإِنْ نَبَتَا.

(فَرْعٌ)

فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ وَلِيِّهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>