للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصُّلْبَ مَحَلُّ الْمَشْيِ لِابْتِدَائِهِ مِنْهُ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ.

(فَرْعٌ) فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ مِمَّا مَرَّ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَالدِّيَاتُ فِي الْإِنْسَانِ تَبْلُغُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ بَلْ أَكْثَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ الْمُنْدَفِعُ بِهِ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا، إذَا (أَزَالَ) جَانٍ (أَطْرَافًا) كَأُذُنَيْنِ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ (وَلَطَائِفَ) كَعَقْلٍ وَسَمْعٍ وَشَمٍّ (تَقْتَضِي دِيَاتٍ فَمَاتَ سِرَايَةً) مِنْ جَمِيعِهَا كَمَا بِأَصْلِهِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ بِالْفَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ صَارَتْ نَفْسًا وَخَرَجَ بِجَمِيعِهَا مَا لَوْ انْدَمَلَ بَعْضُهَا فَلَا يَدْخُلُ وَاجِبُهُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ (وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ) لَا تَجِبُ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْجَزُّ وَالْفِعْلُ الْأَوَّلُ عَمْدًا، أَوْ غَيْرُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ دِيَةِ النَّفْسِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ دِيَاتِ غَيْرِهَا فَتَدْخُلُ فِيهَا كَالسِّرَايَةِ إذْ لَا تَسْتَقِرُّ إلَّا بِانْدِمَالِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ حَزَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَتْ دِيَاتٌ غَيْرُهَا قَطْعًا (فَإِنْ حَزَّهُ) الْجَانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ (عَمْدًا وَالْجِنَايَةُ) بِإِزَالَةِ مَا ذُكِرَ (خَطَأً) ، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ حَزَّ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَالْجِنَايَةُ عَمْدٌ وَكَذَا لَوْ حَزَّ خَطَأً وَالْجِنَايَةُ شِبْهُ عَمْدٍ وَعَكْسُهُ (فَلَا تَدَاخُلَ فِي الْأَصَحِّ) بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْ وَاجِبِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ لِاخْتِلَافِهِمَا حِينَئِذٍ بِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا (وَلَوْ حَزَّ) رَقَبَتَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْجَانِي تِلْكَ الْجِنَايَاتِ، أَوْ مَاتَ بِالسُّقُوطِ مِنْ نَحْوِ سَطْحٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ اعْتِبَارِ التَّبَرُّعِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مِنْ الثُّلُثِ لَوْ مَاتَ بِهَا بِأَنَّ التَّبَرُّعَ صَدَرَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْمَوْتِ فَاسْتَمَرَّ حُكْمُهُ (تَعَدَّدَتْ) الْجِنَايَاتُ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ لَا يُبْنَى عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَفَارَقَ هَذَا قَطْعَ أَعْضَاءِ حَيَوَانٍ مَاتَ بِسِرَايَتِهَا، أَوْ بِقَتْلِهِ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهَا مَا وَجَبَ فِي أَعْضَائِهِ بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِمَا نَقَصَ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِالْكَمَالِ وَضِدِّهِ وَالْآدَمِيُّ مَضْمُونٌ بِمُقَدَّرٍ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى ضَمَانِهِ التَّعَبُّدُ.

(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَفِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَزَالِيِّ لَهُ أَوَّلَ الْبَابِ (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا) أَيْ جُرِحَ

ــ

[حاشية الشرواني]

حَجّ ع ش (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصُّلْبَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الصُّلْبَ مَحَلُّ الْمَنِيِّ وَمِنْهُ يُبْتَدَأُ الْمَشْيُ وَمَنْشَأُ الْجِمَاعِ وَاتِّحَادُ الْمَحَلِّ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الدِّيَةِ وَمَنَعَ الْأَوَّلُ مَحَلِّيَّةَ الصُّلْبِ لِمَا ذُكِرَ. اهـ.

[فَرْعٌ اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]

(فَرْعٌ فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ) (قَوْلُ الْمَتْنِ تَقْتَضِي دِيَاتٍ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ (قَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِهَا إلَخْ) وَكَذَا مِنْ بَعْضِهَا، وَلَمْ يَنْدَمِلْ الْبَعْضُ الْآخَرُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مُغْنِي عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِهَا يَعْنِي مَاتَ قَبْلَ انْدِمَالِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ إنَّمَا يُنْسَبُ لِبَعْضِهَا بِدَلِيلِ الْمَفْهُومِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهَذَا وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ (قَوْلُهُ نَفْسًا) أَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ وَاجِبُهُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا خَفِيفًا لَا مَدْخَلَ لِلسِّرَايَةِ فِيهِ ثُمَّ أَجَافَهُ فَمَاتَ بِسِرَايَةِ الْجَائِفَةِ قَبْلَ انْدِمَالِ ذَلِكَ الْجُرْحِ فَلَا يَدْخُلُ أَرْشُهُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَمَّا مَا لَا يُقَدَّرُ بِالدِّيَةِ فَتَدْخُلُ أَيْضًا كَمَا فُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ بِالْأَوْلَى مُغْنِي

(قَوْلُ الْمَتْنِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الِانْدِمَالِ فِي اللَّطَائِفِ وَكَذَا السِّرَايَةُ مِنْهَا رَشِيدِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَاهُمَا انْدِمَالُ أَوْ سِرَايَةُ جِرَاحَاتٍ نَشَأَ مِنْهَا ذَهَابُ اللَّطَائِفِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُغْنِي بِزِيَادَةٍ مِنْ الْجِرَاحَةِ عَقِبَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ دِيَةِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْ إلَخْ) فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ هَذِهِ الْأَطْرَافَ عَمْدًا ثُمَّ حَزَّ الرَّقَبَةَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَعَفَا الْوَلِيُّ فِي الْعَمْدِ عَلَى دِيَتِهِ وَجَبَتْ فِي الْأُولَى دِيَةُ خَطَأٍ، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَدِيَةُ عَمْدٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دِيَتَا عَمْدٍ وَدِيَةُ خَطَأٍ، أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ مُغْنِي وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى دِيَةُ خَطَأٍ صَوَابُهُ دِيَتَا خَطَأٍ بِالتَّثْنِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَطْرَافِ) أَيْ وَاللَّطَائِفِ سم (قَوْلُهُ تِلْكَ الْجِنَايَاتِ) مَفْعُولُ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الْمَوْتِ بِالسُّقُوطِ هُنَا حَيْثُ انْقَطَعَتْ تِلْكَ الْجِنَايَاتُ بِهِ وَاسْتَقَرَّتْ، وَلَمْ تَدْخُلْ فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ بِهَا) لَعَلَّهُ بِتَأْوِيلِ السَّقْطَةِ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّي قَالَ: الظَّاهِرُ بِهِ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ إلَخْ) الْأَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا زَادَهُ فِعْلُ أَحَدٍ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ هَذَا إلَخْ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دُخُولِ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ إذَا مَاتَ بِسِرَايَةٍ، أَوْ بِفِعْلِ الْجَانِي وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا الْفَرْقِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي إلَخْ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى مَا مَرَّ مِنْ اتِّحَادِ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ بِسِرَايَةٍ، أَوْ بِفِعْلِ الْجَانِي الْأَوَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ وَالْمُغْنِي وَلَعَلَّ الشَّارِحَ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ إنَّمَا أَوْرَدَاهُ هُنَا بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ حُكْمِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَجْمُوعَ حُكْمِ غَيْرِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِقَتْلِهِ) أَيْ مِنْ قَاطِعِ الْأَعْضَاءِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَضْمُونٌ) أَيْ الْحَيَوَانُ ع ش.

[فَصْلٌ الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا]

(فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ) الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا (قَوْلُهُ فِي الْجِنَايَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ أَوْ الْمُحَكَّمُ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَمَالٌ وَقَوْلُهُ وَلَا قَوَدَ فِي نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَتْ فِي النِّهَايَةِ بِمُخَالَفَةٍ يَسِيرَةٍ سَأُنَبِّهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فِي الْجِنَايَةِ إلَخْ) أَيْ فِي وَاجِبِهَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ هَذَا الْفَصْلِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْحُكُومَةُ بَعْدَ الْمُقَدَّرَاتِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْغَزَالِيُّ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَذِكْرُهَا هُنَا أَحْسَنُ لِيَقَعَ الْكَلَامُ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَرْعٌ) أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ إلَخْ (قَوْلُهُ بَلْ يَجِبُ كُلٌّ مِنْ وَاجِبِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ) أَيْ وَاللَّطَائِفِ (قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ بِهَا) الظَّاهِرُ.

(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا (قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي الشُّعُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَمَالٌ لَكِنْ بِشَرْطِ فَسَادِ مَنْبَتِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَفِي إفْسَادِ مَنْبَتِ الشُّعُورِ حُكُومَةٌ لَا فِيهَا. اهـ فَقَوْلُهُ وَفِي إفْسَادِ مَنْبَتِ الشُّعُورِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا فِيهِ جَمَالٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا فِيهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ لَا حُكُومَةَ فِي إزَالَتِهَا بِغَيْرِ إفْسَادِ مَنْبَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>