للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا يُقَالُ: فِي الذَّبْحِ لِلْكَعْبَةِ، أَوْ قُدُومِ السُّلْطَانِ، وَلَوْ ذَبَحَ مَأْكُولًا لِغَيْرِ أَكْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِنْ أَثِمَ بِذَلِكَ.

(فَصْلٌ) فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْآلَةِ، وَالذَّبْحِ، وَالصَّيْدِ (يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، وَجَرْحُ غَيْرِهِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: شَيْءٍ لَهُ حَدٌّ (بِجَرْحٍ كَحَدِيدٍ) ، وَلَوْ فِي قِلَادَةِ كَلْبٍ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ فَجَرَحَهُ بِهَا، وَقَدْ عُلِّمَ الضَّرْبَ بِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ (وَنُحَاسٍ) ، وَرَصَاصٍ، وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ لَهُ حَدًّا يَجْرَحُ (وَذَهَبٍ) ، وَفِضَّةٍ (وَخَشَبٍ، وَقَصَبٍ، وَحَجَرٍ، وَزُجَاجٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَوْحَى لِإِزْهَاقِ الرُّوحِ قَبْلَ تَعْبِيرِهِ مَعْكُوسٌ فَصَوَابُهُ لَا يَحِلُّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ إلَخْ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْآلَةِ، وَكَوْنِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ، وَأَقُولُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فَالْإِيرَادُ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ ذَبْحِ الْمَقْدُورِ بِجَرْحِ غَيْرِهِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ الذَّبْحَ قَيْدٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي يُفْهِمُ مَا، أَوْرَدَهُ (إلَّا ظُفْرًا، وَسِنًّا، وَسَائِرَ الْعِظَامِ) لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ، وَالظُّفْرَ»

أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ أَيْ: وَهُمْ كُفَّارٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ أَيْ: لِمَعْنًى ذَاتِيٍّ فِي الْآلَةِ الَّتِي وَقَعَ التَّشَبُّهُ بِهَا فَلَا يُقَالُ: مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ بَلْ، وَلَا الْحُرْمَةَ فِي نَحْوِ النَّهْيِ عَنْ السَّدْلِ، وَاشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْعَظْمِ تَنَجُّسُهُ بِالدَّمِ مَعَ أَنَّهُ زَادَ الْجِنَّ، وَمِنْ ثَمَّ نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ: إلَخْ) فَإِنْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ، أَوْ لِلرُّسُلِ تَعْظِيمًا لِكَوْنِهَا بَيْتَ اللَّهِ، أَوْ لِكَوْنِهِمْ رُسُلَ اللَّهِ جَازَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى يَرْجِعُ قَوْلُ الْقَائِلِ أَهْدَيْت لِلْحَرَمِ، أَوْ لِلْكَعْبَةِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ قُدُومِ السُّلْطَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَيَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ إذَا ذُبِحَتْ تَقَرُّبًا إلَى السُّلْطَانِ، أَوْ غَيْرِهِ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِبْشَارَ بِقُدُومِهِ فَلَا بَأْسَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَثِمَ) وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ طَهَارَةَ نَحْوِ جِلْدِهِ.

[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْآلَةِ وَالذَّبْحِ وَالصَّيْدِ]

(فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْآلَةِ، وَالذَّبْحِ، وَالصَّيْدِ) (قَوْلُ الْمَتْنِ بِكُلِّ مُحَدَّدٍ) ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمُحَدَّدِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ مَا لَوْ ذُبِحَ بِخَيْطٍ يُؤَثِّرُ مُرُورُهُ عَلَى حَلْقِ نَحْوِ الْعُصْفُورِ قَطَعَهُ كَتَأْثِيرِ السِّكِّينِ فِيهِ، فَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ فِيهِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمِنْشَارِ الْمَعْرُوفِ الْآنَ.

(فَائِدَةٌ) يَكْفِي الذَّبْحُ بِالْمُدْيَةِ الْمَسْمُومَةِ، فَإِنَّ السَّمَّ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ مَعَ الْقَطْعِ اهـ. ع ش يُحْذَفُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي السِّوَادَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى سَمٍّ غَيْرِ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ، وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْخَيْطِ، أَوْ الْمِنْشَارِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا مَرَّ فِي الذَّبْحِ بِسِكِّينٍ كَالٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الدَّالِ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَدْ عُلِمَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِجُرْحٍ) أَيْ: يَقْطَعُ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كَحَدِيدٍ إلَخْ) أَيْ: مُحَدَّدُ حَدِيدٍ، وَمُحَدَّدُ نُحَاسٍ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَعْطُوفَاتِ مُغْنِي، وَنِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَعُلِّمَ الضَّرْبَ إلَخْ) مِنْ التَّعْلِيمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَسْنَى، وَع ش (قَوْلُهُ:، وَرَصَاصٍ) إلَى قَوْلِهِ: قِيلَ: فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَالتَّنْظِيرُ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ: وَأَقُولُ فِي الْمُغْنِي إلَّا ذَلِكَ الْقَوْلَ (قَوْلُهُ: أَوْحَى) أَيْ: أَسْرَعُ اهـ. قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: قِيلَ: تَعْبِيرٌ مَعْكُوسٌ إلَخْ) أَقُولُ زَعْمُ أَنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ مَعْكُوسٌ وَهْمٌ، وَعَكْسٌ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ حِلِّ الْمَقْدُورِ بِالذَّبْحِ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إلَّا بَيَانَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الذَّبْحُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ظَاهِرٌ غَفَلَ عَنْهُ الْمُعْتَرِضُ، وَكَذَا الشَّارِحُ حَيْثُ تَكَلَّفَ دَفْعَ الِاعْتِرَاضِ بِمَا قَالَهُ اهـ. سم، وَهَذَا عَجِيبٌ مِنْهُ، فَإِنَّهُ عَيْنُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَرُدَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فِي الْآلَةِ) أَيْ: فِي بَيَانِ مَا يَحِلُّ بِهِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَذَكَاةُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ بِذَبْحِهِ فِي حَلْقٍ، أَوْ لَبَّةٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: الصَّرِيحِ فِي أَنَّ الذَّبْحَ قَيْدٌ إلَخْ) الصَّرَاحَةُ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا، بَلْ الْعِبَارَةُ مُحْتَمِلَةٌ؛ لِأَنَّ يَكُونَ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ جَائِزًا فِي الْآخَرِ، وَالْمُقَابَلَةُ لَا تُنَافِي ذَلِكَ، بَلْ تَحْتَمِلُهُ فَدَعْوَى فَسَادِ الْإِيرَادِ فِيهِ مَا فِيهِ اهـ. سم أَقُولُ غَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ دَعْوَى الصَّرَاحَةِ مُبَالَغَةٌ، وَأَمَّا مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُحَشِّي مِنْ الْمُسَاوَاةِ، وَعَدَمِ ظُهُورِ الْمُقَابَلَةِ فِيمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَمُكَابَرَةٌ

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَسَائِرَ الْعِظَامِ) ظَاهِرُهُ دُخُولُ الصَّدَفِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ الْكَتَّانُ فَلَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَظْمٍ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، أَوْ أَصَابَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: لِمَعْنًى إلَى، وَالْحِكْمَةُ، وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَسَقَطَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَالْحِكْمَةُ إلَى نَعَمْ، وَقَوْلَهُ: بِمُدْيَةٍ كَالَّةٍ، وَقَوْلَهُ: بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ: جَانِبَهُ، وَقَوْلَهُ: جَرَحَهُ، أَوْ لَا، وَقَوْلَهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ: أَسَالَهُ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى مَذْبُوحِهِ، أَوْ الْمُنْهَرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَنْهَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَكُلُوهُ أَيْ: الْمُنْهَرَ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْهَاءِ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ أَيْ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الظُّفْرُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الظُّفْرَ لَيْسَ مِنْ الْعَظْمِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَسَائِرَ الْعِظَامِ اهـ. ع ش أَقُولُ: وَلِصَرِيحِ قَوْلِ الْمَنْهَجِ إلَّا عَظْمًا كَسِنٍّ، وَظُفْرٍ اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ إلَخْ) وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ نِهَايَةٌ، وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ نُهِيَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ) ، وَهَلْ يُنْهَى عَنْ تَنْجِيسِ الْعَظْمِ فِي غَيْرِ الذَّبْحِ، وَالِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَوْ جَعَلَ نَصْلَ سَهْمٍ عَظْمًا فَقَتَلَ بِهِ صَيْدًا حَرُمَ.

(تَنْبِيهٌ)

قَدْ يُؤْخَذ مِنْ عِلَّةِ النَّهْيِ عَنْ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ أَنَّهُ بِمَطْعُومِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى كَأَنْ يَذْبَحَ بِحَرْفِ رَغِيفٍ مُحَدَّدٍ اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلٌ يَحِلُّ ذَبْحُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ إلَخْ.)

(قَوْلُهُ: قِيلَ تَعْبِيرُهُ مَعْكُوسٌ إلَخْ.) أَقُولُ زَعْمُ أَنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ مَعْكُوسٌ وَهْمٌ، وَعَكْسٌ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ حِلِّ الْمَقْدُورِ بِالذَّبْحِ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إلَّا بَيَانَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الذَّبْحُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ظَاهِرٌ غَفَلَ عَنْهُ الْمُعْتَرِضُ، وَكَذَا الشَّارِحُ حَيْثُ تَكَلَّفَ دَفْعَ الِاعْتِرَاضِ بِمَا قَالَهُ (قَوْلُهُ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ الذَّبْحَ قَيْدٌ) الصَّرَاحَةُ مَمْنُوعَةٌ قَطْعًا بَيْنَ الْعِبَارَةِ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ فِيهِ، وَالْمُقَابَلَةُ لَا تُنَافِي ذَلِكَ، بَلْ تَحْتَمِلُهُ فَفِي دَعْوَى فَسَادِ الْإِيرَادِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ نُهِيَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ إلَخْ.) هَلْ يُنْهَى عَنْ تَنْجِيسِ الْعَظْمِ فِي غَيْرِ الذَّبْحِ، وَالِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>