للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصَحِّ لِلْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ

. (وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) الْمَشْهُورَةُ: (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ وَتَاءٌ) فَوْقِيَّةٌ (كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ) فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِيهِ جُرَّ أَوْ نُصِبَ أَوْ رُفِعَ أَوْ سُكِّنَ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ، وَزِيدَ رَابِعٌ وَهُوَ: اللَّهِ أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ هِيَ الْجَارَّةُ. أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْجَارَّ الْمَحْذُوفُ، وَتِلْكَ عِوَضٌ عَنْهُ فَلَا زِيَادَةَ وَبَدَأَ بِالْبَاءِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْقَسَمِ لُغَةً وَالْأَعَمُّ لِدُخُولِهَا عَلَى الْمُظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ ثُمَّ بِالْوَاوِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا مَخْرَجًا بَلْ قِيلَ إنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنْهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ التَّاءِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ اخْتَصَّتْ بِالْمُظْهَرِ تَعُمُّ الْجَلَالَةَ وَغَيْرَهَا؛ وَلِأَنَّهُ قِيلَ إنَّ التَّاءَ بَدَلٌ مِنْهَا (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ) الْفَوْقِيَّةُ (بِاَللَّهِ) أَيْ بِلَفْظِ الْجَلَالَةِ وَشَذَّ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَتَالرَّحْمَنِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهِمَا إلَّا بِنِيَّةٍ فَمَنْ أَطْلَقَ الِانْعِقَادَ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ: فِي الْيَمِينِ

[حُرُوفُ الْقَسَمِ الْمَشْهُورَةُ]

(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورَةُ) إلَى قَوْلِهِ: بَلْ هُوَ الْأَصْلُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَزِيدَ إلَى وَبَدَأَ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورَةُ) وَغَيْرُ الْمَشْهُورَةِ كَالْأَلِفِ الْمَمْدُودَةِ وَهَاءِ التَّنْبِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُوَحَّدَةٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: إلَى وَبَدَأَ. (قَوْلُ الْمَتْنِ كَبِاللَّهِ وَوَاَللَّهِ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ: تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الرَّحْمَنِ لَمْ يُحْسَبْ يَمِينًا لِمُخَالَفَتِهِ التَّحْلِيفَ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَمِينًا لَوْ قَالَ: لَهُ قُلْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ فَقَالَ: بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ: وَاَللَّهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. مُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ انْعِقَادُهَا، وَإِنْ قُلْنَا بِنُكُولِهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْقَسَمِ (قَوْلُهُ: جُرَّ إلَخْ) أَيْ: لَفْظُ الْجَلَالَةِ. (قَوْلُهُ وَزِيدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَزَادَ الْمَحَامِلِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَلِفَ بَدَلَ الْهَمْزَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ اللَّهُ) كَانَ فِي أَصْلِهِ أَلِفٌ قَبْلَ الْجَلَالَةِ فَكُشِطَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّاعِيَ شَارِحَ الْأَلْفِيَّةِ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ: أَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٍ عَلَى حَرْفٍ كَالْبَاءِ وَاللَّامِ، وَقِسْمٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ قَطْعُ هَمْزَةِ الْوَصْلِ فِي الْقَسَمِ بِاللَّفْظَةِ الْمُعَظَّمَةِ نَحْوَ: قَالَتْ: أَلِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. كَانَ أَلِفَ وَصْلٍ، فَلَمَّا أَقْسَمَ بِهِ قُطِعَ وَصَارَ يَثْبُتُ وَصْلًا بَعْدَمَا كَانَ لَا يَثْبُتُ وَصْلًا فَزَادَتْ فِيهِ صِفَةٌ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ حَرْفٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: الْمَحْذُوفُ) الْأَوْلَى لِلتَّنْكِيرِ. (قَوْلُهُ: إنَّهَا مُبْدَلَةٌ مِنْهَا) أَيْ كَمَا فِي تُرَاثٍ فَإِنَّ أَصْلَهُ وَارِثٌ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَخْتَصُّ التَّاءُ بِاَللَّهِ) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لَمَّا كَانَتْ الْأَصْلَ فِي الْقَسَمِ وَالْوَاوُ بَدَلٌ مِنْهَا وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ ضَاقَ تَصَرُّفُهَا عَنْ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَدْخُلَانِ عَلَيْهِ سِوَى اسْمِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: ٨٥] قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ إنَّ التَّاءَ إنْ ضَاقَ تَصَرُّفُهَا وَلَمْ تَدْخُلْ إلَّا عَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ فَقَدْ بُورِكَ لَهَا فِي اخْتِصَاصِهَا بِأَشْرَفِ الْأَسْمَاءِ وَأَجَلِّهَا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَتَالرَّحْمَنِ) وَتَحَيَاةِ اللَّهِ اهـ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِنِيَّةٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ فَلَا تَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ اللَّهِ أَيْ: لُغَةً وَلَا يُقَالُ تَرَبِّكَ وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَكَى الْأَخْفَشُ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: تَالرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ شَاذًّا فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ قُبِلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَنَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ كَوَثِقْت بِاَللَّهِ أَوْ اعْتَصَمْت أَوْ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِطْلَاقَ كَالنِّيَّةِ وَفِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْمُوعِ شُذُوذًا وَغَيْرِهِ فِي الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ: بِهِمَا) أَيْ: تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَتَالرَّحْمَنِ أَيْ: وَبِنَحْوِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يُؤَثِّرْ فِيهِ إلَخْ بَحْثٌ، وَالثَّانِي أَنَّ مَا هُنَا لَوْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا احْتَاجَ لِلنِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ بَحْثٌ أَيْضًا لَا يُقَالُ: الْمُرَادُ نَفْيُ صَرَاحَتِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْجَرِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَأَيْت التَّفَاوُتَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَرِّ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّرَاحَةِ وَعَدَمِهَا وَجَبَ إرَادَةُ صَرَاحَتِهِمَا وَعَدَمِهَا بِاعْتِبَارِ أَنْفُسِهِمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْجَرِّ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ ذَلِكَ التَّرْتِيبُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ أُرِيدَ الصَّرَاحَةُ فِي الْيَمِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ صَرَاحَةُ اللَّفْظِ الْمُقْسَمِ بِهِ فِي مَعْنَاهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ تَوَقُّفُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ مَعْنَاهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ إرَادَةَ الْعِبَادَاتِ فَدَخَلَ الْإِطْلَاقُ، نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّرَائِحِ الْمَنْصُوصُ لَا مُقَابِلُ الْكِنَايَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (فَائِدَةٌ)

فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ حَلَفَ بِشَهِدَ اللَّهُ أَوْ بِيَشْهَدُ اللَّهُ أَوْ أَضَافَ قَوْلَهُ وَحَقِّ هَلْ يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ أَمْ لَا وَمَا إذَا حَلَفَ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ الْجَوَابُ: لَا نَقْلَ عِنْدِي فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي شَهِدَ اللَّهُ وَيَشْهَدُ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَعْدِلُ إلَى قَوْلِهِ: شَهِدَ اللَّهُ فَيَقَعُ فِي أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَنْسُبُ إلَى اللَّهِ أَنَّهُ شَهِدَ الشَّيْءَ وَعَلِمَهُ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ

وَكَذَا لَوْ ضَمَّ إلَيْهِ قَوْلَهُ وَحَقِّ شَهِدَ اللَّهُ إلَّا إنْ أَرَادَ بِشَهِدَ الْمَصْدَرَ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ وَحَقِّ شَهَادَةِ اللَّهِ أَيْ: عِلْمِهِ فَيَكُونُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالْعِلْمِ، وَإِطْلَاقُ الْفِعْلِ وَإِرَادَةُ الْمَصْدَرِ شَائِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ أَيْ يَوْمُ نَفْعِهِمْ وَإِذَا حَلَفَ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ فَهُوَ يَمِينٌ بِلَا شَكٍّ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ خِلَافُ مَا قَالَ فِي الْجَنَابِ الرَّفِيعِ يَالِلَّهُ بِالتَّحْتِيَّةِ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا بِحَذْفِ الْمُنَادَى وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا قَوْمُ أَوْ يَا رَجُلُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْيَمِينَ انْتَهَى. إذْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ مَعَ الْمَدِّ فَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَزِيدَ رَابِعٌ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ صَرِيحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>