للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَتَكَرُّرِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا فِي نَحْوِ: لَا أَدْخُلُ، وَإِنْ تَفَاصَلَتْ مَا لَمْ يَتَخَلَّلْهَا تَكْفِيرٌ وَبِتَعَدُّدِ التَّرْكِ فِي نَحْوِ لَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْك كُلَّمَا مَرَرْت، عَمَلًا بِقَضِيَّةِ كُلَّمَا، وَلَأُعْطِيَنَّكَ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ، وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ كَوَاللَّهِ لَآكُلَنَّ ذَا وَلَا أَدْخُلُ الدَّارَ الْيَوْمَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِتَرْكِ الْمُثْبَتِ وَفِعْلِ الْمَنْفِيِّ مَعًا، وَيَأْتِي حُكْمُ لَا فَعَلْت ذَا وَذَا مَعَ نَظَائِرِهِ.

(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ الْمَجَازُ أَوْ يُرِيدَ دُخُولَهُ فَيَدْخُلَ أَيْضًا، فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ وَأَطْلَقَ إلَّا بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ مَنْعَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّتِهِ ذَلِكَ صَيَّرَ اللَّفْظَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَنَا مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ، أَوْ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَأَطْلَقَ فَلَا يَحْنَثُ بِحَلْقِ غَيْرِهِ لَهُ بِأَمْرِهِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَقِيلَ: يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا الْأَصْلُ فِي الْبِرِّ، وَالْحِنْثُ اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ اهـ.

وَسَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَهَذَا عَكْسُ الْأَوَّلِ؛

ــ

[حاشية الشرواني]

كَتَكَرُّرِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ) هِيَ الْحَلِفُ كَاذِبًا عَالِمًا عَلَى مَاضٍ اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مَثَلًا وَكَرَّرَ الْأَيْمَانَ كَاذِبًا اهـ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَخَلَّلْهَا تَكْفِيرٌ) هَلْ الْمُرَادُ تَكْفِيرٌ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْحِنْثَ وَحْدَهُ كَتَخَلُّلِ التَّكْفِيرِ أَوْ الْمُرَادُ أَعَمُّ الَّذِي يَنْبَغِي الْأَوَّلُ وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي شَرْحٍ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا حَنِثَ إلَخْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَآكُلَنَّ ذَا وَلَا أَدْخُلُ الدَّارَ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا. قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ وَاحِدًا ثُمَّ وَاحِدًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ اهـ. وَفِي الْإِيلَاءِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ إذَا وَطِئَ وَاحِدَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ بَحَثَا عَدَمَ الِانْحِلَالِ إذَا أُرِيدَ تَخْصِيصُ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ وَأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ مَنَعَهُ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ الرُّويَانِيَّ ذَكَرَهُ وَفُرِّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ خِلَافُهُ اهـ. سم

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ]

(فَصْلٌ)

فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى (قَوْلُهُ: فِي الْحَلِفِ) إلَى قَوْلِهِ: عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِخِلَافِ مَا إلَى، وَكَذَا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي هَذَا) أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ

(قَوْلُهُ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا) شَمِلَ الْحَقَائِقَ الْعُرْفِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ كَاللُّغَوِيَّةِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَجَازَاتِهَا، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَتْ تِلْكَ الْحَقَائِقُ فَيَأْتِي حُكْمُهُ فَتَنَبَّهْ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ الْمَجَازُ) قَدْ يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْأَمِيرِ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّ الْمَجَازَ مُتَعَارَفٌ فِيهَا، وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْحَلْقِ الْمَذْكُورَةُ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ يُرِيدَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُرِيدَ إلَخْ بِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ فَيَدْخُلَ أَيْضًا) أَيْ: مَعَ الْحَقِيقَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِاللَّفْظِ غَيْرَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَحْدَهُ مَجَازًا لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، لَكِنْ سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ وَهَذَا إنَّمَا يَرِدُ عَلَى النِّهَايَةِ فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا وَلَمَّا زَادَ الشَّارِحُ مَا يَأْتِي عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَأَفَادَ قَبُولَ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَحْدَهُ بِقَرِينَةٍ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ إلَخْ) أَيْ: مَثَلًا فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَمِيرٍ كَمَقْطُوعِ الْيَدِ مَثَلًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى مَوْصُوفِهَا أَيْ فِي مَعْنًى مَجَازِيٍّ شَامِلٍ لِلْحَقِيقِيِّ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ إلَخْ) أَيْ: أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ لَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُهُ بِغَيْرِهِ خَاصَّةً يَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: قَبْلُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ إلَخْ، وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِالْغَيْرِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ بِحَلْقِ غَيْرِهِ لَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ. (قَوْلُهُ: وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا إلَخْ) هَذَا مَعَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ يُفِيدُ أَنَّ اللَّفْظَ تَارَةً يُحْمَلُ عَلَى مُقْتَضَاهُ وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَذَلِكَ إذَا تَعَارَفَ الْمَجَازَ أَوْ أُرِيدَ دُخُولُهُ فِيهِ وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ إذَا قُيِّدَ أَوْ خُصِّصَ بِقَرِينَةٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ عُرْفٍ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ) فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ الْقَيْدُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ: أَمْثِلَةِ الْقَيْدِ وَالتَّخْصِيصِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَقَوْلُهُ: عَكْسُ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

زَيْدًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: كَتَكَرُّرِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ) هِيَ الْحَلِفُ كَاذِبًا عَالِمًا عَلَى مَاضٍ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَخَلَّلْهَا تَكْفِيرٌ) هَلْ الْمُرَادُ تَكْفِيرٌ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الْحِنْثُ وَحْدَهُ كَتَخَلُّلِ التَّكْفِيرِ أَوْ الْمُرَادُ أَعَمُّ الَّذِي يَنْبَغِي الْأَوَّلُ وَيُوَافِقُهُ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا حَنِثَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَوَاللَّهِ لَا آكُلَنَّ ذَا وَلَا أَدْخُلُ الدَّارَ الْيَوْمَ إلَخْ) سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا، قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ وَاحِدًا ثُمَّ وَاحِدًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ اهـ. وَفِي الْإِيلَاءِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ وَاحِدَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ بَحَثَا عَدَمَ الِانْحِلَالِ إذَا أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ، وَأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ مَنَعَهُ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ الرُّويَانِيَّ ذَكَرَهُ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ اهـ. بِاخْتِصَارٍ وَفِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ لِابْنِ النَّقِيبِ خِلَافُهُ.

. (فَصْلٌ) .

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ الْمَجَازُ) هُوَ مُتَعَارَفٌ فِيهِمَا، وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ الْمَذْكُورَةُ.

. (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>