للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْتَنِعٌ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ، وَالِاجْتِمَاعُ ثَمَّ جَائِزٌ فَحُمِلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْحُكْمِ) فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا؛ لِاخْتِلَافِ اجْتِهَادِهِمَا غَالِبًا فَلَا تَنْفَصِلُ الْخُصُومَاتُ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُقَلِّدَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ، وَلَا أَهْلِيَّةَ لَهُمَا فِي نَظَرٍ، وَلَا تَرْجِيحٍ، أَوْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا صَحَّ شَرْطُ اجْتِمَاعِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى تَخَالُفِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَرْجِيحٍ وَلَوْ حَكَّمَا اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا، بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْقَاضِيَيْنِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ. (فَرْعٌ)

يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يُوَلَّى فِيهِ، نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِتَبَعِيَّةِ بِلَادٍ لِبِلَادٍ فِي تَوْلِيَتِهَا دَخَلَتْ تَبَعًا لَهَا وَيَسْتَفِيدُ بِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ الْعَامِّ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ وَأُمُورَ النَّاسِ حَتَّى نَحْوَ زَكَاةٍ وَحِسْبَةٍ لَمْ يُفَوَّضَا لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْجَهُ فِي " اُحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ " أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُكْمِ لَا يَتَجَاوَزُ لِغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ " وَلَّيْتُك الْقَضَاءَ " بِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ بِمَعْنَى إمْضَاءِ الْأُمُورِ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الْقَاضِي فِيهَا إمْضَاءٌ، بِخِلَافِ الْحُكْمِ.

(فَصْلٌ)

فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي، أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَلَوْ لَحْظَةً خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى فِي نَحْوِ الشَّرِيكِ مِقْدَارَ مَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ هُنَا مَا لَا يُحْتَاطُ ثَمَّ، أَوْ مَرِضَ مَرَضًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، وَقَدْ عَجَزَ مَعَهُ عَنْ الْحُكْمِ (أَوْ عَمِيَ) ، أَوْ صَارَ كَالْأَعْمَى كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: بَصِيرٌ (أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ) الْمُطْلَقِ، أَوْ الْمُقَيَّدِ بِنَحْوِ غَفْلَةٍ (وَ) كَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا، وَصَحَّحْنَا وِلَايَتَهُ فَذَهَبَ (ضَبْطُهُ بِغَفْلَةٍ، أَوْ نِسْيَانٍ) بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ لَا يَنْتَبِهُ (لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) لِانْعِزَالِهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ خَرِسَ، أَوْ صَمَّ. وَخَالَفَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الْعَمَى وَصَنَّفَ فِيهِ لَمَّا عَمِيَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي النُّبُوَّةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْ الْقَضَاءِ

ــ

[حاشية الشرواني]

سم. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ هُنَا مُمْتَنِعٌ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا إلَخْ يُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ هُنَا كَالْوَصِيَّةِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَلَّى الْإِمَامُ مُقَلِّدَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَقُلْنَا بِجَوَازِ وِلَايَةِ الْمُقَلِّدِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَافٍ؛ لِأَنَّ إمَامَهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ لِلْإِمَامِ الْوَاحِدِ قَوْلَانِ فَيَرَى أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ بِقَوْلٍ، وَالْآخَرُ بِخِلَافِهِ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ، وَالِاخْتِلَافِ أَجَابَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: ظَاهِرٌ فِي الْمُقَلِّدِ الصِّرْفِ وَعِنْدَ تَصْرِيحِ ذَلِكَ الْإِمَامِ بِتَصْحِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَالتَّرْجِيحِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَقِفَا فِيهِ عَلَى نَصٍّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ بِمَا هُوَ مَنْصُوصٌ وَتَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَهَاهُنَا يَقَعُ النِّزَاعُ، وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ فَيُتَّجَهُ الْمَنْعُ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ إلَخْ) أَيْ: أَوْ عَلَى تَصْحِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي أَيْ، أَوْ الْوَجْهَيْنِ كَتَرْجِيحِ التُّحْفَةِ مَثَلًا فِي مَحَالِّ الِاخْتِلَافِ. (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ الْفَرْقِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ التَّوْلِيَةَ لِلْمُحَكَّمِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَرِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ فَالْحُكْمُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حُكْمٌ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ. اهـ. ع ش وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَهُوَ أَيْ: الْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَيْنِ يَقَعُ بَيْنَهُمَا الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُحَكَّمَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ مُجْتَهِدَيْنِ إلَّا أَنَّ هَذَا نَادِرٌ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْمَطْلَبِ أَنَّ عَدَمَ انْفِصَالِ الْخُصُومَةِ هُنَا نَشَأَ عَنْ نَفْسِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَالْحَدُّ لَا يَعْدُو عَنْهُمَا وَفِي الْقَاضِيَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ الْمُوَلِّي لَهُمَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ اطَّرَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُغْنِي فَرْعٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ قَلَّدَهُ أَيْ: الْإِمَامُ بَلَدًا، أَوْ سَكَتَ عَنْ نَوَاحِيهَا، فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِإِفْرَادِهَا عَنْهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي وِلَايَتِهِ وَإِنْ جَرَى بِإِضَافَتِهَا دَخَلَتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ رُوعِيَ أَكْثَرُهُمَا عُرْفًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا رُوعِيَ أَقْرَبُهُمَا عَهْدًا. اهـ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ]

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَقْتَضِي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: لَكِنْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَخَالَفَ إلَى وَلَوْ عَمِيَ وَقَوْلَهُ: بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ لَا يَتَنَبَّهُ وَقَوْلَهُ: وَلِأَنَّ مَا إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: انْعِزَالَ الْقَاضِي) أَيْ بِلَا عَزْلٍ، أَوْ عَزْلِهِ أَيْ: بِعَزْلِ الْإِمَامِ مَثَلًا لَهُ، وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ مَنْ أَذِنَ لَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَحْظَةً) كَذَا فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ) إلَى قَوْلِهِ: وَخَالَفَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ صَارَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لَا يُرْجَى زَوَالُهُ وَقَدْ عَجَزَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي الثَّالِثُ: أَيْ: مِنْ التَّنْبِيهَاتِ الْمَرَضُ الْمُعْجِزُ لَهُ عَنْ النَّهْضَةِ، وَالْحُكْمِ يَنْعَزِلُ بِهِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ، فَإِنْ رُجِيَ، أَوْ عَجَزَ عَنْ النَّهْضَةِ دُونَ الْحُكْمِ لَمْ يَنْعَزِلْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، الرَّابِعُ: لَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ قَاضِيًا فَفِي الْبَحْرِ يَنْعَزِلُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذَا تَعَمَّدَ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الْإِخْفَاءِ، الْخَامِسُ: لَوْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ قَاضِيًا لَمْ يَنْعَزِلْ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: أَوْ عَمِيَ) وَلَوْ عَمِيَ ثُمَّ أَبْصَرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ حُصُولُ الْعَمَى حَقِيقَةً اُحْتِيجَ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَبْصَرَ بَعْدَ الْعَمَى لَمْ يَحْتَجْ لِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ م ر. اهـ. سم وَجَرَى الْمُغْنِي عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ عَادَ بَصَرُهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِلْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ لَمَا عَادَ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ. (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ: بَصِيرٌ) أَيْ: فِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَا وِلَايَتَهُ) أَيْ: كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَخْ وَفِي شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ إذَا نُبِّهَ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَفْلَةِ الْمُجْتَهِدِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ إذْ أَصْلُ الْغَفْلَةِ مُخِلٌّ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ الشِّهَابِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُؤَيِّدُ التَّوَقُّفَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذِهِ الرُّتْبَةَ أَيْ: الِاجْتِهَادَ فِي الْمَذْهَبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلٌ)

جُنَّ قَاضٍ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ عَمِيَ، أَوْ ذَهَبَ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَحْظَةً) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ عَمِيَ) لَوْ عَمِيَ، ثُمَّ أَبْصَرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ حُصُولُ الْعَمَى حَقِيقَةً اُحْتِيجَ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَبْصَرَ بَعْدَ الْعَمَى لَمْ يَحْتَجْ لِتَوَلِّيَةٍ جَدِيدَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا) يُتَأَمَّلْ هَذَا التَّقْيِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>