للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ الْمُدَبَّرُ: كَانَ بِيَدِي لِفُلَانٍ صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ

(كِتَابُ الْكِتَابَةِ) مِنْ الْكَتْبِ أَيْ: الْجَمْعِ لِمَا فِيهَا مِنْ جَمْعِ النُّجُومِ. وَأَصْلُ النَّجْمِ هُنَا الْوَقْتُ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ مَالُ الْكِتَابَةِ وَهِيَ شَرْعًا: عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا مُعَلَّقٌ بِمَالٍ مُنَجَّمٍ بِوَقْتَيْنِ مَعْلُومَيْنِ فَأَكْثَرَ وَتُطْلَقُ عَلَى الْمُخَارَجَةِ السَّابِقَةِ قُبَيْلَ الْجِرَاحِ وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ؛ إذْ لَا تَعْرِفُهَا الْجَاهِلِيَّةُ

وَمُخَالِفَةٌ لِلْقِيَاسِ مِنْ وُجُوهٍ: بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ، وَثُبُوتُ مَالٍ فِي ذِمَّةِ قِنٍّ لِمَالِكِهِ ابْتِدَاءً، وَثُبُوتُ مِلْكٍ لِلْقِنِّ. وَجَازَتْ بَلْ نُدِبَتْ مَعَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ؛ إذْ السَّيِّدُ قَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ مَجَّانًا، وَالْعَبْدُ قَدْ لَا يَسْتَفْرِغُ وُسْعَهُ فِي الْكَسْبِ إلَّا بَعْدَهَا لِإِزَالَةِ رِقِّهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] ، وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ أَعَانَ مُكَاتَبًا فِي زَمَنِ كِتَابَتِهِ فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» . وَكَانَتْ كَالْمُخَارَجَةِ مِنْ أَعْظَمِ مَكَاسِبِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِخُلُوِّهِمَا عَنْ أَكْثَرِ الشُّبُهَاتِ الَّتِي فِي غَيْرِهِمَا. وَأَرْكَانُهَا: قِنٌّ، وَسَيِّدٌ، وَصِيغَةٌ، وَعِوَضٌ (هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ إنْ طَلَبَهَا رَقِيقٌ أَمِينٌ قَوِيٌّ عَلَى كَسْبٍ) يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَسَاوَى قَوْلُ أَصْلِهِ: الْكَسْبُ عَلَى أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَّرَ الْخَيْرَ فِي الْآيَةِ بِهَذَيْنِ وَاعْتَبَرَ أَوَّلَهُمَا؛ لِئَلَّا يَضِيعَ مَا يُحَصِّلُهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ هُنَا مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لِنَحْوِ تَرْكِ صَلَاةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْرَفَ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ فِي الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُرْجَى لَهُ عِتْقٌ بِالْكِتَابَةِ وَثَانِيهِمَا، وَالطَّلَبُ لِيَوْثُقَ مِنْهُ بِتَحْصِيلِ النُّجُومِ وَلَمْ تَجِبْ خِلَافًا لِجَمْعٍ مِنْ السَّلَفِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ الْحَظْرِ، وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ لِلْإِبَاحَةِ وَنَدْبُهَا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ (قِيلَ: أَوْ غَيْرُ قَوِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُرِفَتْ أَمَانَتُهُ يُعَانُ بِالصَّدَقَةِ، وَالزَّكَاةِ وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ، وَلَا وُثُوقَ بِتِلْكَ الْإِعَانَةِ قِيلَ: أَوْ غَيْرُ أَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يُبَادِرُ لِلْحُرِّيَّةِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُضَيِّعُ مَا يَكْسِبُهُ (وَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ) بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: كَانَ بِيَدِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَقَالَ: كَانَ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ لِرَجُلٍ وَمَلَكْته بَعْدَ الْعِتْقِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَيْضًا وَلَوْ دَبَّرَ رَجُلَانِ أَمَتَهُمَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لَحِقَهُ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ مَهْرِهَا وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِهَا كَمَا مَرَّ وَمَا فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ رُجُوعٌ فِي التَّدْبِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ السِّرَايَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَيَلْغُو رَدُّ الْمُدَبَّرِ التَّدْبِيرَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. (خَاتِمَةٌ)

لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا لَمْ يُعْتِقْ إلَّا بِمُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَلَا يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا فِي حُكْمِ الصِّفَةِ إلَّا إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ فَيَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا عَلَقَتْ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. اهـ. وَفِي الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ

[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

بِكَسْرِ الْكَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ: كَمَا أَنَّ الْعَتَاقَةَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْجَمْعِ) إلَى قَوْلِهِ: خِلَافًا لِجَمْعٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَتُطْلَقُ إلَى وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ وَقَوْلَهُ: كَالْمُخَارَجَةِ وَقَوْلَهُ: كَمَا يَدُلُّ إلَى؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ وَقَوْلَهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَى وَثَانِيهِمَا وَإِلَى قَوْلِهِ: لَكِنْ بَحَثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَيُطْلَقُ إلَى وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ وَقَوْلَهُ: وَكَانَتْ إلَى وَأَرْكَانُهَا وَقَوْلَهُ: فَسَاوَى إلَى وَاعْتُبِرَ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهَا مِنْ جَمْعِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ وَهِيَ لُغَةً: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ وَشَرْعًا: عَقْدُ إلَخْ وَسُمِّيَ كِتَابَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ وَهِيَ أَحْسَنُ وَزَادَ الْمُغْنِي وَلِلْعُرْفِ الْجَارِي بِكِتَابَةِ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ يُوَافِقُهُ. اهـ. أَيْ فَتَسْمِيَتُهَا كِتَابَةً مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ الصَّكُّ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: مُعَلَّقٌ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِعِتْقٍ. (قَوْلُهُ: إذْ السَّيِّدُ قَدْ لَا يَسْمَحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، لَكِنْ جَوَّزَهَا الشَّارِعُ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ فَإِنَّ الْعِتْقَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَالسَّيِّدُ قَدْ لَا يَسْمَحُ إلَخْ فَاحْتَمَلَ الشَّرْعُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي غَيْرِهَا كَمَا احْتَمَلَ الْجَهَالَةَ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمِلَ الْجَعَالَةَ لِلْحَاجَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ مَنْ أَعَانَ إلَخْ) وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) أَيْ: الْكِتَابَةُ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ عَبْدٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُقَالُ: لَهُ أَبُو أُمَيَّةَ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ) لَا وَاجِبَةٌ، وَإِنْ طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قِيَاسًا عَلَى التَّدْبِيرِ وَشِرَاءِ الْقَرِيبِ وَلِئَلَّا يَتَعَطَّلَ أَثَرُ الْمِلْكِ وَتَتَحَكَّمُ الْمَمَالِيكُ عَلَى الْمَالِكِينَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: رَقِيقٌ) أَيْ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ كَمَا سَيَأْتِي مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَسَاوَى) أَيْ: قَوْلَهُ: كَسَبَ مُنْكَرًا. (قَوْلُهُ: مُحْتَمَلٌ إلَخْ) أَيْ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِكَسْبٍ مَا. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: التَّقْيِيدُ بِالْأَمِينِ وَالْقَوِيِّ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُضَيِّعَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَعْتِقَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ هُنَا مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَالطَّلَبُ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، لَكِنْ أَسْقَطَهُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ وَلَمْ تَجِبْ إلَخْ) وَتُفَارِقُ الْإِيتَاءَ حَيْثُ أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ مِنْ الْوُجُوبِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَأَحْوَالُ الشَّرْعِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَالزَّكَاةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْدَ الْحَظْرِ) أَيْ: الْأَمْرَ الْوَارِدَ بَعْدَ الْحَظْرِ وَالْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ) مُعْتَرِضٌ بَيْنَ اسْمِ أَنَّ وَخَبَرِهِ. (قَوْلُهُ: لِلْإِبَاحَةِ إلَخْ) أَيْ: كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ وَعَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ التَّوَقُّفَ سم عِبَارَةُ ع ش أَيْ: وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ أَيْ: الْمَنْعِ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَا النَّدْبَ وَلِذَا قَالَ: وَنَدْبُهَا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَكِنْ بَحَثَ إلَى قَالَ وَإِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُدَبَّرُ: كَانَ بِيَدَيَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: كَانَ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ وَمَلَكْتَهُ بَعْدُ أَيْ: بَعْدَ الْعِتْقِ صُدِّقَ أَيْضًا. اهـ.

. (كِتَابُ الْكِتَابَةِ) .

(قَوْلُهُ: لِلْإِبَاحَةِ وَنَدْبِهَا) أَيْ: كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ وَعَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>