للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:
مسار الصفحة الحالية:

وَيُكَافِئُ مَزِيدَك حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا تُحِبُّ يَا رَبَّنَا وَتَرْضَى حَمْدًا كَاَلَّذِي نَقُولُ وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ يَمْلَأُ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضَ وَمَا شِئْت رَبَّنَا مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ، وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ: وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِيَ؛ لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ، وَسَلِّمْ وَبَارِكْ أَفْضَلَ صَلَاةٍ وَأَفْضَلَ سَلَامٍ وَأَفْضَلَ بَرَكَةٍ عَلَى عَبْدِك وَنَبِيِّك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَنْصَارِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ كَمَا صَلَّيْت وَبَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَكَمَا يَلِيقُ بِعَظِيمِ شَرَفِهِ وَكَمَالِهِ وَرِضَاك عَنْهُ وَمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى لَهُ عَدَدَ مَعْلُومَاتِك وَمِدَادَ كَلِمَاتِك أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ كُلَّمَا ذَكَرَك وَذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا غَفَلَ عَنْ ذِكْرِك وَذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ سُبْحَانَ رَبِّك رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أَسْأَلُك اللَّهُمَّ بِجَلَالِ وَجْهِك وَبَاهِرِ قُدْرَتِك وَوَاسِعِ جُودِك وَكَرْمِك أَنْ تَنْفَعَ بِهَذَا الشَّرْحِ الْمُسْلِمِينَ مَنْفَعَةً عَامَّةً وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِالْإِخْلَاصِ فِيهِ؛ لِيَكُونَ ذَخِيرَةً لِي إذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ، وَأَنْ لَا تُعَاقِبَنِي فِيهِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ آثَارِي بِقَبِيحِ مَا جَنَيْت مِنْ الذُّنُوبِ وَعَظِيمِ مَا اقْتَرَفْت مِنْ الْعُيُوبِ إنَّك أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ، دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخَرُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَيَقُومُ بِحُقُوقِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُكَافِئُ مَزِيدَك) بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ أَيْ يُسَاوِي مَا تَزِيدُ مِنْ النِّعَمِ وَيَقُومُ بِشُكْرِهِ. (قَوْلُهُ: حَمْدًا كَثِيرًا) كَنَظِيرَيْهِ الْآتِيَيْنِ عُطِفَ عَلَى حَمْدًا يُوَافِي إلَخْ بِعَاطِفٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: رَبَّنَا) كَنَظِيرِهِ الْآتِي مُنَادَى بِيَاءٍ مُقَدَّرَةٍ. (قَوْلُهُ: يَمْلَأُ السَّمَوَاتِ إلَخْ) أَيْ: بِتَقْدِيرِ تَجَسُّمِهِ مِنْ نُورٍ (قَوْلُهُ: مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَهُمَا كَالْكُرْسِيِّ وَالْعَرْشِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يُحِيطُ بِهِ إلَّا عِلْمُ عَلَّامِ الْغُيُوبِ. (قَوْلُهُ: أَهْلَ الثَّنَاءِ إلَخْ) أَيْ يَا أَهْلَ الْمَدْحِ وَالْعَظَمَةِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ أَنْتَ. (قَوْلُهُ: أَحَقُّ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: لَا مَانِعَ إلَخْ وَجُمْلَةُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ إلَخْ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ لَا يَنْفَعُ صَاحِبُ الْغِنَى عِنْدَك غِنَاهُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ عِنْدَك رِضَاك وَرَحْمَتُك وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِفَضْلِك وَكَرَمِك. (قَوْلُهُ: وَأَزْوَاجِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدِك (قَوْلُهُ: كَمَا صَلَّيْت) لَمْ يَزِدْ وَسَلَّمْت، وَإِنْ اقْتَضَاهَا حُسْنُ الْمُقَابَلَةِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ. (قَوْلُهُ: وَرِضَاك) عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ، أَوْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا يَلِيقُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَمَا صَلَّيْت إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا تُحِبُّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مَا يَلِيقُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْنَا مَعَهُمْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَلَى عَبْدِك، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ قَصَدَ بِنُونِ الْجَمْعِ نَفْسَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ امْتِثَالًا لِحَدِيثِ «إذَا دَعَوْتُمْ فَعَمِّمُوا» . (قَوْلُهُ: بِالْإِخْلَاصِ فِيهِ) أَيْ: فِي تَأْلِيفِ الشَّرْحِ مِنْ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ وَحُبِّ الشُّهْرَةِ وَالْمَحْمَدَةِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَفْعَ الْعِبَادِ وَمَرْضَاةَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

(قَوْلُهُ: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ إلَخْ) إنَّمَا خَتَمَ كِتَابَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي أَذْكَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا يَخْتِمُونَ بِهِ دَعْوَاهُمْ مِنْ الْحَمْدِ لِرَبِّ الْعِزَّةِ رَجَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَالْجَنَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ الْفَرَاغُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ مِنْ تَسْوِيدِ هَذِهِ الْحَوَاشِي الْجَامِعَةِ لِمُعْتَمَدَاتِ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ عَلَى تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ بِشَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلْعَلَّامَةِ شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ الْمَكِّيِّ فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ زَادَهَا اللَّهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَتَعْظِيمًا فِي مُنْتَصَفِ رَبِيعٍ الثَّانِي مِنْ شُهُورِ سَنَةِ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَتِسْعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَأَزْكَى التَّحِيَّاتِ وَأَرْجُو مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي حَيِّزِ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ كَرِيمٌ يُعْطِي خَيْرَ مَأْمُولٍ، وَالْمَرْجُوُّ مِمَّنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا أَنْ يَدْعُوَ لِقَلِيلِ الْبِضَاعَةِ بِالْخَيْرِ وَالْمُبَاعَدَةِ عَنْ كُلِّ شَرٍّ وَضَيْرٍ وَأَنْ يُقِيلَ الْعَثَرَاتِ وَيَعْفُوَ عَنْ التَّسَاهُلَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلٌّ لِلْقُصُورِ وَالنِّسْيَانِ خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَعْوَامِ وَالْأَزْمَانِ وَإِنِّي وَاَللَّهِ مُعْتَرِفٌ بِقِصَرِ الْبَاعِ وَكَثْرَةِ الزَّلَلِ وَلَكِنَّ فَضْلَ اللَّهِ وَكَرْمَهُ لَا يُعَلَّلُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِلَلِ، وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخِتَامِ بِجَاهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَمَّ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص: