للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُلْنَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مَجْهُولًا أَوْجَبَ جَهَالَةً فِي الْأَوَّلِ بِحُكْمِهِ إذَا اُعْتُبِرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَسَقَطَ فِي نَفْسِهِ بِصِيغَتِهِ إذَا اُعْتُبِرَ بِالنَّاسِخِ وَحُكْمُهُ قَائِمٌ بِصِيغَتِهِ فَصَارَ الدَّلِيلُ مُشْتَبِهًا فَلَمْ نُبْطِلْهُ بِالشَّكِّ

ــ

[كشف الأسرار]

كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِهِمَا كَالْفَمِ لَمَّا أَخَذَ حَظًّا مِنْ الظَّاهِرِ وَحَظًّا مِنْ الْبَاطِنِ اُعْتُبِرَ بِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَيْءِ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَصَدَقَةِ الْفِطْرِ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى مَعْنَى الْقُرْبَةِ وَالْمُؤْنَةِ اُعْتُبِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُكْتَفَ بِأَحَدِهِمَا، وَكَذَا الْكَفَّارَةُ فَكَذَلِكَ هَهُنَا يُعْتَبَرُ دَلِيلُ الْخُصُوصِ فِي الْمَخْصُوصِ الْمَعْلُومِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَعْلُومِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَعْلُومِ وَفِي الْمَخْصُوصِ الْمَجْهُولِ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ وَالنَّاسِخِ الْمَجْهُولِ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فِي كُلِّ بَابٍ بِنَظِيرِهِ وَلَوْ قَالَ بِنَظِيرَيْهِ أَوْ قَالَ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَابٍ بِهِمَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي بِنَظِيرِهِ رَاجِعًا إلَى كُلِّ بَابٍ أَيْ وَجَبَ اعْتِبَارُ دَلِيلِ الْخُصُوصِ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمُشَابَهَةِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ النَّوْعِ فَيُعْتَبَرُ فِي شَبَهِ الِاسْتِثْنَاءِ بِحَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعْلُومًا كَانَ أَوْ مَجْهُولًا وَيُعْتَبَرُ فِي شَبَهِ النَّاسِخِ بِحَقِيقَةِ النَّاسِخِ مَعْلُومًا كَانَ أَوْ مَجْهُولًا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بِنَظِيرَيْهِ لَا يَصِحُّ.

[كَانَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مَجْهُولًا]

قَوْلُهُ (فَقُلْنَا إذَا كَانَ) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الشَّيْخِ فِي بَيَانِ اعْتِبَارِهِ بِالشَّبَهَيْنِ فِي كُلِّ بَابٍ فَقَالَ إذَا كَانَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مَجْهُولًا أَيْ مُتَنَاوِلًا لِمَجْهُولٍ عِنْدَ السَّامِعِ أَوْجَبَ جَهَالَةً فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَخْصُوصُ مِنْهُ (بِحُكْمِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى حُكْمِهِ وَهُوَ بَيَانُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَذَا الْمَجْهُولُ تَحْتَ الْعَامِّ (إذَا اُعْتُبِرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ رُدَّ إلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَوْجَبَ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَسَقَطَ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلُ فِي نَفْسِهِ (بِصِيغَتِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ صِيغَتِهِ إذَا اُعْتُبِرَ بِالنَّاسِخِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّاسِخَ إذَا كَانَ مَجْهُولًا أَيْ مُتَنَاوِلًا لِمَجْهُولٍ لَا يُعَارِضُ الْأَوَّلَ بَلْ يَسْقُطُ بِنَفْسِهِ (وَحُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ دَلِيلِ الْخُصُوصِ وَهُوَ بَيَانُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْجُمْلَةِ (قَائِمٌ) أَيْ ثَابِتٌ بِصِيغَتِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ بِنَفْسِهِ وَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ قَائِمًا بِصِيغَتِهِ لَا تَتَعَدَّى جَهَالَتُهُ إلَى الْأَوَّلِ لِانْفِصَالِهِ عَنْهُ فَبَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا كَانَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ وَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ قَائِمًا بِصِيغَتِهِ وَصِيغَتُهُ سَقَطَتْ بِاعْتِبَارِ شَبَهِهَا بِالنَّسْخِ فَيَسْقُطُ شَبَهُ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّبَهَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ قَائِمٌ بِالصِّيغَةِ فَيَسْقُطُ الْكُلُّ بِسُقُوطِ الصِّيغَةِ فَيَبْقَى الْعَامُّ عَلَى مَا كَانَ فَكَأَنَّهُ رَجَّحَ جِهَةَ سُقُوطِ دَلِيلِ الْخُصُوصِ عَلَى جِهَةِ ثُبُوتِهِ فِي تَأْثِيرِهِ فِي الْعَامِّ (فَصَارَ الدَّلِيلُ) أَيْ الْعَامُّ (مُشْتَبِهًا) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالزَّوَالِ فَشِبْهُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي دَلِيلِ الْخُصُوصِ أَوْجَبَ زَوَالَهُ وَشِبْهُ النَّسْخِ فِيهِ أَوْجَبَ بَقَاءَهُ عَلَى مَا كَانَ (فَلَمْ نُبْطِلْهُ) أَيْ الْعَامَّ (بِالشَّكِّ) لِأَنَّ مَا كَانَ ثَابِتًا بِيَقِينٍ لَا يُزَالُ بِالشَّكِّ وَلَكِنْ تَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةُ جَهَالَةٍ فَأَوْرَثَتْ زَوَالَ الْيَقِينِ فَيُوجَبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعِلْمِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الدَّلِيلِ دَلِيلَ الْخُصُوصِ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي فَلَمْ يُبْطِلْهُ عَائِدًا إلَيْهِ أَيْضًا أَيْ فَصَارَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مُشْتَبِهًا فِي نَفْسِهِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ وَإِذَا لَمْ نُبْطِلْ دَلِيلَ الْخُصُوصِ بِالشَّكِّ لَا يَبْطُلُ الْعَامُّ بِالشَّكِّ أَيْضًا لِأَنَّ بُطْلَانَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ دَلِيلِ الْخُصُوصِ وَبَقَاءَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ وَفِيهِمَا تَرَدُّدٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ دَلِيلَ الْخُصُوصِ وَأَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إلَى الْعَامِّ أَيْ فَصَارَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ مُشْتَبِهًا لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَبْطُلُ الْعَامُّ بِالشَّكِّ بِمِثْلِ هَذَا الدَّلِيلِ الْمُتَرَدِّدِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّا لَا نُبْطِلُ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالشَّكِّ فَلَا يَسْقُطُ دَلِيلُ الْخُصُوصِ لِكَوْنِهِ مَجْهُولًا بِالشَّكِّ وَلَا تَخْرُجُ صِيغَةُ الْعَامِّ مِنْ أَنْ تَكُونَ حُجَّةً بِالشَّكِّ أَيْضًا كَالْمَفْقُودِ لَا يُورَثُ عَنْهُ بِالشَّكِّ وَلَا يَرِثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>