للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر على ما وصفتَ؛ فكيف قام العلماء على ابن تيميّة من أجل هذه المسألة، وصنّفوا فيها كتبًا عديدة؟!

فالجواب: أنّ العلماء الذين قاموا على شيخ الإسلام ما كان سبب قيامهم عليه هذه المسألة؛ ولكنّ السّبب فيه: أنّ شيخ الإسلام قد صنّف كتبًا كثيرة في التّوحيد ردّ فيها على مشائخهم وساداتهم، وبيّن فيها ميلهم عن الكتاب والسُّنّة، وسلوكهم طريق الابتداع، والقول على الله بغير علم، وغير ذلك من البدع المنكرة التي ابتدعوها في أصول الدّين وفروعه؛ فشتّت شملهم، وسفّه أحلامهم، وضلّل سعيهم، وخطّأ رأيهم بالحُجج الدّامغة والبراهين السّاطعة، وقد تتبّع جميع شبهاتهم وأقوالهم؛ فضى عليها بالطّرد والرّدّ، وهذا كتابه المسمّى بـ «التّسعينيّة» ، وكتاب «السّبعينيّة» ، وكتاب «العقل والنّقل» ، وكتاب «منهاج السُّنّة» ، وكتاب «الرّدّ على الفلاسفة» ...

وغير ذلك من الكتب التي صنّفها في الرّدّ على مَن خالف كتاب الله وسنّة رسوله؛ فلما رأى علماء زمانه ما حلّ بأسلافهم من هذا الإمام؛ أخذوا يشنّعون عليه بأشياء، منها ما هو بريء من نسبتها إليه، ومنها ما قاله بدليل ولكنّه لم يتقيّد فيها برأي أحد، وحيث إنّهم قد علموا أنّ ما قاله شيخ الإسلام في أسلافهم حقّ لا مرية فيه ـ لأنّه ما نقله إلا عن كُتبهم ـ، ورأوا أنّ دفع ذلك غير ميسور لهم؛ فعمدوا إلى مسألتين هما في الحقيقة من مسائل الفروع، المصيب فيها بأجرين والمخطئ فيها بأجر ـ أعني بها: مسألتي الطّلاق والزّيارة ـ، وقد ردّ الله كيدهم في نحورهم لما شنّعوا عليه

<<  <   >  >>