للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين أن يكونوا أحياء أو أمواتًا، عند مَن يفرّق بين (التّوسّل) و (الاستغاثة) ـ وقد بيّنّا الفرق بينهما ـ.

فقد علم بهذا: جواز التّوسّل؛ إذ المسؤول هو الله ـ تعالى ـ لا غيره، ولا شكّ أنّ الأنبياء سيّما نبيّنا صلى الله عليه وسلم لهم الجاه العظيم، ولكن حيث إنّ بعض النّاس لم يفرّق بين التّوسّل الذي هو جائز وبين الاستغاثة التي هي شرك، إلَّا إذا كانت بالحيّ الحاضر؛ كما استغاث صاحب موسى ـ صلوات الله عليه ـ به فأغاثه، وكإغاثة بعضنا بعضًا في الشّيء الذي نقدر عليه؛ فهذا جائز بالاتّفاق. وأمّا بعد الموت؛ فلا يجوز طلب شيء من الميّت، سواء كان نبيًّا أو وليًّا أو صالحًا. وأمّا مَن جعل (التّوسّل) و (الاستغاثة) بمعنى واحد؛ فقد جنى على الدّين وأهله ـ والله ـ وعلى لغة العرب، وافترى على الله الكذب؛ والفرق بينهما ظاهر لمن له أدنى فهم، وهذا الذي ذكرناه واخترناه هو أعدل الأقوال وأوسطها؛ جمعًا بين الأدِلّة، سيّما والعقل لا يأبى ذلك؛ إذ لا شرك ولا شائبة شرك في سؤال الله ـ تعالى ـ بجاه نبيّ أو وليّ؛ وإنّما الشّرك والبليّة في طلب الحوائج من خير الدّنيا والآخرة من الأموات الذين انقطع عملهم إلَّا من ثلاث: علم يُنتفع به، وصدقة جارية، أو ولد صالح، والذين منعوا جواز التّوسّل أرادوا بذلك سدّ باب سؤال غير الله ـ تعالى ـ كي لا يقع أحد في الشّرك، سيّما العوام الذين لا يفرّقون بين (التّوسّل) و (الاستغاثة)

<<  <   >  >>