للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا ما كان من تحرير مدّعى المانعين، وتقريره على وجه أبان عن لباب تلخيصهم بتسطيره.

ثم أخذ يذكر الجواب عمّا استدلّ به المجوّزون؛ فإن أردتَ الوقوف عليه؛ فارجع إلى كتاب «العقد الثّمين» .

فتبيّن ممّا قلناه: أنّ الاستغاثة بمخلوق بما لا يقدر عليه إلَّا الله ـ تعالى ـ ممّا لا يجوز؛ فإنّ الاستغاثة دعاء، والدُّعاء عبادة، بل مخّ العبادة، وغير الله ـ تعالى ـ لا يُعبَد؛ بل هو المخصوص بالعبادة؛ فإذا أصاب النّاسَ جدبٌ وقحطٌ؛ فلا يُقال: يا رسول الله؛ ارفع عنّا القحط والجدب، وإذا نزل بالنّاس بلاء أو وباء؛ فلا يُقال: يار رسول الله، أو: يا جبريل، أو: يا ميكائيل؛ ارفع عنّا البلاء والوباء، وإذا مرض أحد؛ فلا يُقال: يا رسول الله؛ شافني وعافني، ولا غيره، وإذا احتاج أحد إلى زرق؛ فلا يقول: يا رسول الله؛ [ارزقني، ولا غيره، وإذا لم يكن لأحد ولد؛ فلا يجوز له أن يقول: يا رسول الله] ؛ أعطني ولدًا، وإذا كان في شدّة في برٍّ أو بحرٍ؛ فلا يجوز أن يقول: يا رسول الله؛ أدركني، أو: ألتجئ إليك، أو: أستغيث بك، أو نحو ذلك؛ بل كلّ ذلك شرك مخرج عن الدّين؛ لأنّه عبادة لغير الله.

ونحن نوضّح المسألة ـ فقد زلّت فيها أقدام ـ؛ فنبيّن ـ أولًا ـ: معنى العبادة، ثم نذكر ما هو من خصائص الألوهيّة ـ ومن الله نستمدّ التّوفيق ـ:

أمّا العبادة:

فهي ـ في اللّغة ـ: الذُّلّ والانقياد.

واصطلاحًا: اسم جامع لكلّ ما يحبّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظّاهرة؛ كالتّوحيد ـ فإنّه عبادة في نفسه ـ، والصّلاة والزّكاة والحجّ وصيام رمضان، والوضوء، وصلة الأرحام، وبرّ الوالدين، والدُّعاء، والذّكر، والقراءة، وحبّ الله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدّين له، والصّبر لحكمه، والشّكر لنعمه، والرّضا بقضائه، والتّوكّل عليه، والرّجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وغير ذلك مما رضيه وأحبّه؛ فأمر به وتعبّد النّاس فيه.

<<  <   >  >>