للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرّه، ولا ضرّ مَن أراد الله نفعه، وأنّه لا يملك لأحد من قرابته ـ فضلًا عن غيرهم ـ شيئًا من الله، وهذا معلوم لكلّ مسلم، وليس فيه أنّه لا يتوسّل به إلى الله؛ فإنّ ذلك هو طلب الأمر ممّن له الأمر والنهي؛ وإنّما أراد الطّالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سببًا للإجابة ممّن هو المتفرّد بالعطاء والمنع، وهو مالك يوم الدّين.

وإذا عرفتَ هذا؛ فاعلم أنّ الرزيّة كلّ الرّزيّة، والبليّة كلّ البليّة؛ أمر غير ما ذكرنا من التّوسّل المجرّد والتّشفّع بمَن له الشفاعة، وذلك ما صار يعتقده كثير من العوام وبعض الخواصّ في أهل القبور، وفي المعروفين بالصّلاح من الأحياء؛ من أنّهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلَّا الله ـ جَلّ جلاله ـ، ويفعلون ما لا يفعله إلَّا الله ـ عزّ وجَلّ ـ، حتى نطقت ألسنتهم بما انطوت عليه قلوبهم؛ فصاروا يدعونهم تارة مع الله، وتارة استقلالًا، ويصرّحون بأسمائهم، ويعظّمونهم تعظيم مَن يملك الضّرّ والنّفع، ويخضعون لهم خضوعًا زائدًا على خضوعهم عند وقوفهم بين يدي ربّهم في الصّلاة والدُّعاء! وهذا إذا لم يكن شركًا فلا ندري ما هو الشّرك! وإذا لم يكن كفرًا فليس في الدُّنيا كفر!

وها نحن نقصّ عليك أدلّة في كتاب الله ـ سبحانه وتعالى ـ وفي سُنّة وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيها المنع ممّا هو دون هذا بمراحل، وفي بعضها التّصريح بأنّه شرك، وهو بالنّسبة إلى هذا الذي ذكرناه يسير حقير. ثم بعد ذلك نعود إلى الكلام على مسألة السؤال.

فمن ذلك:

ما أخرجه أحمد في «مسنده» ، بإسناد لا بأس به، عن عمران بن حصين، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى [رجلًا] بيده حلقة من صُفر؛ فقال: ما هذه؟ قال من

<<  <   >  >>