للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقرأ نافع وابن عامر {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا} [الشورى: ٣٥] بالرفع على القطع. وقرأ الباقون {وَيَعْلَمَ} بالنصب على إضمار (أن) .

والكوفيون يقولون: نصب على الصرف، وإنما أضمرت (أن) ليكون مع الفعل مصدراً فيعطف على مصدر ما قبله، ومثله قول الشاعر:

للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف

أي: (وأن تقر عيني) ، أضمر (أن) ؛ لأن في صدر الكلام مصدراً وهو (لبس) .

* * *

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} [الشورى: ٥١]

قال الفراء هذا: كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرى في منامه ويلهمه - يعني الوحي، قال: ومن وراء حجاب كلم موسى - عليه السلام - أو يرسل رسولاً مثل ما كان من الملائكة التي تكلم الأنبياء عليهم السلام.

قال غيره: إرسال الرسول أحد أقسام الكلام، كما يقال: عتابك السيف، كأنه قيل: إلا وحياً أو إرسالا. وقيل المعنى: (إلا أن) ، كما تقول: لألزمنك أو تقضيني حقي. فلا يكون الإرسال على هذا الوجه كلاماً.

قرأ نافع وابن عامر {أَوْ يُرْسِلَ} بالرفع، وهو وجه، على تقدير: أو هو يرسل رسولاً، وقرأ الباقون بالنصب على إضمار (أن) كأن في التقدير أو أن يرسل رسولاً. ولا يجوز أن يكون معطوفاً على {يُكَلِّمَهُ} ؛ لأن المعنى يصير: وما كان لبشر أن يكلمه الله، ولا كان أن يرسل رسولاً، وهذا إبطال النبوة.

<<  <   >  >>