للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة السابعة والأربعون: السياق الخاص يراد به العام إذا كان سياق الآيات في أمور خاصة وأراد الله أن يحكم عليها وذلك الحكم لا يختص بها، بل يشملها ويشمل غيرها، جاء الله بالحكم العام.

وهذه القاعدة من أسرار القرآن وبدائعه، وأكبر دليل على إحكامه وانتظامه العجيب.

وأمثلة هذه القاعدة كثيرة:

منها: لما ذكر الله المنافقين وذمهم، واستثنى منهم التائبين، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١٤٦] ، فلما أراد الله أن يحكم لهم بالأجر لم يقل: وسوف يؤتيهم أجراً عظيماً، بل قال: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} ، ليشملهم وغيرهم من كل مؤمن، ولئلا يظن اختصاص الحكم بهم (١) .

ولما قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: من الآية١٥٠] ، إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً} [النساء: ١٥١] ،.

لم يقل: وأعتدنا لهم، للحكمة التي ذكرناها، ومثله: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا} [الأنعام: من الآية٦٤] ، أي: هذه الحالة التي وقع السياق لأجلها {وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: من الآية٦٤] ،.


(١) يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فائدته أن الحكم عام لهم ولغيرهم. وهناك فائدة أخرى أن هذا الأجر ثبت من أجل الإيمان، فكل مؤمن وإن لم يستطع الإنفاق فإن الله تعالى يؤتيه أجرا عظيما. "

<<  <   >  >>