للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل شيخ مسجدا فراود صبيا فعلم الإمام فعاتبه وعنّفه فلما أطال له قال له: كم ذا تعنفني كأن لم ير سفلة غيري. ورأى سفيان في مجلسه شيخا همّا يتخرّق صفوف النساء ويبكي فظنّ أن بكاه لما سلف من ذنوبه فاستقبلهنّ، ثم قال:

عليكنّ السلام فليس عندي ... لكن فدعنني غير السّلام

وكنّ إذا نظرن إليّ أمشي ... نقبن عليّ من خلل الخيام

وقيل: إن إبليس إذا رأى شيخا ذا طرة قال فديت من لا يفلح.

الحثّ على تعظيم المشايخ ومخالطتهم

روي أن رجلا أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: أصابتني خصاصة فقال: لعلّك مشيت أمام شيخ.

وقام وكيع لسفيان فأنكره وقال: ألست حدثتني عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن؟

وقال صلّى الله عليه وسلّم: ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق: إمام مقسط وذو شيبة في الإسلام وذو علم، وقال أزدشير لابنه وقّر المشايخ، فهم مواطن الوقار ومعادن الآثار ورواة الأخبار وحفظة الأسرار. إن رأوك في قبيح منعوك، أو جميل أيّدوك وإياك وأغمار الشباب فهم أهل الصبوة إلى الشهوات.

وأوصى يزيد بن المهلب إبنه فقال ليكن جلساؤك ذوي الأسنان فالشباب شعبة من الجنون ومرّ الحسن بفتيان فقال: شوبوا مجلسكم بشيخ. وقيل: من عرف حقّ من فوقه، عرف حقّه من دونه.

[تفضيل الشيب في الرأي على الشباب]

في المثل: جري المذكيات غلاء جرى المذاكي حسرت عنه الحمر. وقيل: الشيخ في رأيه كالجذل المحكك، لا يهدّه خطب ولا يزعزعه صرف، والشاب كالغصن الناعم الذي يستحيل بأيسر ريح وأيسر آفة.

وقيل: الشيخ كالبازل المستقل بما يحمل والشاب كابن اللبون لا ينهض بما يحتمل.

وقال:

وابن اللبون إذا ما لزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس «١»

[تفضيل الشبان فيه]

قال صلّى الله عليه وسلّم: وسّعوا للشبان في المجالس وأفهموهم الحديث. وكان عمر رضي الله عنه، إذا نزل به معضل دعا الفتيان واستشارهم وقال هم أجدّ قلوبا. وقيل: الشيخ كالزند

<<  <  ج: ص:  >  >>