للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم: سمعت امرأة تطوف بالبيت وتقول: بحبك لي إلا ما غفرت لي.

فقلت لها: أما يكفيك أن تقولي بحبي لك؟ قالت: أما سمعت قوله تعالى يحبهم ويحبونه، فقدم محبته لهم.

وسأل فقير الشبلي عن قول الله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ

«١» فزعق وقال:

إذا أنت لم تعطفك إلا شفاعة ... فلا خير في ودّ يكون بشافع

حال التصوّف والمتصوّفة والمريد والمراد

قيل لأبي عبد الله الحضرمي وكان يعرف بالصامت لأنه صمت عشرين سنة وقد سئل عن المتصوّفة، فقال: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فقيل: كيف صفتهم؟ قال: لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء. قيل: فأين محلهم؟

فقال: في مقعد صدق عند مليك مقتدر. قيل: زدنا. قال: إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا.

وسئل بعضهم عن حدّ الصوفي فقال: الأكول الكسول الكثير الفضول، فحكى ذلك للإمام الشافعي، فقال: الأكول للحلال، الكسول عن المعاصي، الكثير الفضول بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقيل: الصوفي من لبس الصوف على الصفا وذاق طعم الهوى والجفا وترك الدنيا والعفا. وسئل أبو سهل الصعلوكي عن التصوّف فقال: الإعراض عن الاعتراض. وللجنيد: التصوّف ترك التصرف. وقال: أبو عبد الله بن خفيف: هو لائح لاح فاصطلم واستباح، وقال المحاسبي: الرضا بسكون القلب تحت جريان الحكم.

وأقبل أبو العباس وشريح على الجنيد رحمه الله تعالى فقال: يا أبا العباس في كتاب الله تعالى آية تدل على مذهبكم. فبرك جنيد على رجليه، وقال: بلى قال الله: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ

الآية وقال أبو العباس بن عطاء في كتاب الله تعالى آية هي صفتهم يعرف معناها من تلاها وهي ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ

«٢» الآية.

وسئل أبو عبيد الله عن المراد والمريد فقال المريد الذي سأل ربه فقال اشرح لي صدري ويسرّ لي أمري، والمراد الذي قيل له ألم نشرح لك صدرك إلى آخرها. وقيل ما حقيقة الفقر؟ قال أن لا ترى مع الله في الدارين غيره.

حقيقة الذّكر

هي أن يكون القلب فارغا إلا منه. قال الله تعالى: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ

«٣» أي بذكر موسى من غير قصد منها إلى ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>