للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحثّ على مراعاة ما فيه رضا الله دون المخلوقين

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن طلب رضا الناس بسخط الله وكله إلى الناس. وقيل: من خاف الله تعال أجلّ ومن خاف الناس ذلّ، وقال سهل بن عبد الله: أعجز الناس من خشي ما لا يضره ولا ينفعه والله تعالى يقول: فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي

«١» . وقيل: من خاف الله أخاف الله منه كل شيء. قال الشبلي: ولذلك دليل، خاف يعقوب على يوسف الذئب فمحن بما محن ولو خاف الله تعالى لمنع كيد الأخوة. وقال محمد بن السماك: إن قدرت أن لا تكون لغير الله عبدا ما وجدت للعبودية بدا فافعل، وقيل: ما أوطأ راحة الواثق بالله وآنس المطيع لله.

وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: عليك بما يبقى لك عند الله فإنه لا يبقى لك ما عند الناس، فبلغ ذلك الزهري فقال: لقد وعظه بالتوراة والإنجيل والفرقان. وقال أمير المؤمنين: من حاول دفع أمر بمعصية كان ذلك أبعد لما رجا وأقرب لمجيء ما اتقى.

وقال بندار بن الحسين الصوفي: من أقبل على الدنيا أحرقته بنارها وصار رمادا لا ينتفع به، ومن أقبل على الآخرة أحرقته بنورها وصار سبيكة ذهب ينتفع بها، ومن أقبل على الله تعالى أحرقه التوحيد وصار جوهرة لا قيمة لها.

الحثّ على إصلاح الضّمير

قال سفيان بن عيينة: لو لم ينزل الله تعالى علينا إلا قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ

«٢» . لكان قد أعذر. وقال ذو النون: إذا فسدت النية وقعت البلية. وقال أبو سعيد الجزار: دخلت المسجد الحرام فرأيت فقيرا عليه خرقتان فقلت في نفسي هذا وأمثاله كلّ على الناس فناداني: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ

«٣» ، فاستغفرت الله تعالى في نفسي، فناداني: وهُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ

«٤» ، وغاب عني.

وسئل ذو النون عن قوله تعالى: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً

«٥» فقال: القرية قلب المؤمن والملك المعرفة فإذا سكنت المعرفة القلب طردت ما فيه غير ذكر الله. وقال أبو علي السنوي: بلغني يا رسول الله إنك قلت شيبتني هود فما الذي شيبك منها، قال: قوله تعالى فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ

«٦» .

[العفو عن حديث النفس]

قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: عفى عن أمتي الخطأ والنسيان. وقال: إن العبد إذا هم بمعصية لم تكتب عليه وسئل سفيان عن الهم هل يؤخذ به العبد، قال: نعم، إذا كان عزما قال الله تعالى وهموا بما لم ينالوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>