للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عمر بن عبيد الله لرجل: عظني، فقال: قد قطعت عامة سفرك فإن استطعت أن لا تضلّ في آخره فافعل. وقال المؤلف وأنا أقول: قد ضللت عامة سفري فإن لم يهدني الله فويل لي. ختم الله لي بخير ولمن كتب، وقرأ. وقال مصعب بن الزبير: إدفع سطوة الله بسرعة النزوع وحسن الرجوع ويوشك أن المنايا تسبق الوصايا.

الحثّ على الاستغفار واختلاط سيّء الأفعال بالحسن

قال صلّى الله عليه وسلّم: ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم خمسين مرة. وقال بعضهم: حق على المؤمن أن يقتدي بأبويه في قولهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا

«١» الآية، وبما قال نوح عليه السلام:

وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين. وقوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً

«٢» الآية.

وقال أمير المؤمنين: العجب لمن يقنط ومعه النجاة الإستغفار. وقيل: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الإستغفار. وقال عمر رضي الله عنه: لم أر أشد طلبا وأسرع دركا من حسنة حديثة لذنب قديم. وقيل لرجل ألا تأتي إلى الحسن لتسمع منه؟ فقال: أنا مشغول بذنب أستغفر منه وبنعمة أشكر عليها فمتى أتفرغ لإتيانه. وسئل بعض المجان كيف أنت في دينك؟ قال: أخرقه بالمعاصي وأرقعه بالإستغفار. وقال بزرجمهر: أيها السلاطين لا بدّ لكم من المعاصي الكبار فافعلوا بإزائها طاعات عظيمة، أيها الأوساط يمكنكم الطاعات العظيمة كالمصالح التي لا يقدر عليها إلا السلطان فلا تركبوا المعاصي الكبيرة.

النّهي عن الإستغفار ما لم يصاحبه الفعل

سمع مطرف رجلا يقول: أستغفر الله وأتوب إليه فأخذ بذراعيه وقال: لعلك لا تفعل ومن وعد فقد أوجب. وقال أبو عبد الرحمن سمعني راهب أقول أستغفر الله فقال يا فتى سرعة اللسان بالإستغفار توبة الكذابين ويدل على ما قاله صلّى الله عليه وسلّم: المستغفر باللسان المصر على الذنب كالسمتهزئ بربه. وقيل: الإستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين، وقال الربيع بن خيثم:

لا يقولن أحدكم أستغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنبا جديدا إذا لم يفعل، ولكن ليقل: اللهم تب عليّ واغفر لي، فقيل لم. فقال: انته عما ينهاك عنه فإنّه يغفر لك.

[تحذير من دنا أجله وساء عمله]

اجتمع فيلسوف الروم وحكيم الهند وبزرجمهر عند كسرى فتذاكروا في شر الأشياء. فقال الرومي: الهم يقترن به العدم وقال الهندي: سقم البدن ودوام الحزن. وقال بزرجمهر: دنو أجل وسوء عمل، فحكم له. ودعا بعض الصالحين، فقال: اللهم اجعل خير عملي ما ولي أجلي وقال آخر: أعوذ بالله من وقوع المنية ولما أبلغ الأمنية، وقال ابن أبي البغل:

أستغفر الله من عمر أضعت به ... حظّي من الذكر في قال وفي قيل

<<  <  ج: ص:  >  >>