حثّ الراجع عن التوبة إلى العودة
جاء حبيب بن الحارث إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إني مقارف للذنوب فقال: تب فقال:
إني أتوب ثم أعود فقال: كلما أذنبت ذنبا فتب فعفو الله أكبر من ذنوبك. وقال صلّى الله عليه وسلّم: إن الرجل ليذنب الذنب فيدخل به الجنة. فقيل: كيف يا رسول الله؟ قال: يكون نصب عينه خائفا منه حتى يدخل الجنة.
قلّة من لا ذنب له من المكلّفين
قال الله تعالى: فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
«١» وذكر يونس عليه السلام فقال: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً
«٢» الآية، وقصّ قصّة داوود عليه السلام وقد عوتب محمد عليه الصلاة والسلام بعبس وتولى: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا
ولَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ
«٣» الآية، وقال: في جميع الناس، ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة.
جواز إظهار الكفر تقيّة
قال الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ
«٤» . وكان عمار أظهر الرضا بفعل الكفار مع إنطواء قلبه على الإخلاص. وقال صلّى الله عليه وسلّم: إن عادوا فعد وأتى مسيلمة برجلين فقال لأحدهما: تعلم أني رسول الله. قال: بل محمد رسول الله فقتله. وقال للآخر فقال: أنت ومحمد رسول الله فخلّى سبيله فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أما الأوّل فمضى على عزمه ويقينه، وأما الآخر فأخذ برخصة الله فلا تبعة عليه، وكالمضاد له.
من راقب الناس في مذاهبه ... أصمّه ربّه وأعماه
[رجاء رحمة الله وغفرانه ومدح ذلك]
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ما أحبّ أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
«٥» وقال: إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. وقال ابن عباس لابن عمر رضي الله عنهما: أي آية أرجي؟ فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
«٦» الآية، فقال: إن هذه لمرجوة وأرجى منها قوله تعالى: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ
. «٧» . وقيل: أعظم من الذنب اليأس من الرحمة وأشد منه المماطلة بالتوبة. وقال أعرابي لابن عباس من يحاسب الخلق يوم القيامة؟ قال: يحاسبهم الله تعالى قال: نحونا ورب الكعبة فقال: كيف؟ قال إن الكريم إذا قدر غفر. ورؤي الشبلي