للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذمّ من يرجو الغفران من غير ترك ذنب

قال سعيد بن جبير: من الاغترار بالله المقام على الذنب ورجاء الغفران. وقال سليمان بن علي لعمرو بن عبيد: أخبرني عن هذا المال، فقال: إن أخذ من حله فوضع في حقه سلمت فقال: أنا أحسن ظنا بالله، قال: ما كان أحد أحسن ظنا بالله من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما أخذ درهما إلا من حلّه ولا وضعه إلا في حقه.

وقيل في قوله تعالى بل يريد كل امرئ منه أن يؤتى صحفا منشرة. قال: يراه من الله من غير عمل يقدمه. ولقي زاهد أخا له فقال: أتاك اليقين أنك وارد جهنم، قال: نعم، قال: فهل أتاك اليقين بالصدر؟ قال: لا، قال: فما الانتظار والتناعس. وقال الثوري: قطع أطماع العباد آيتان: قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً

«١» وقوله: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ

«٢» الآية، وقال محمود الوراق:

يا ناظرا يرنو بعيني راقد ... ومشاهدا للأمر غير مشاهد

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درك الجنان بها وفوز العائد

ونسيت أن الله أخرج آدما ... منها إلى الدنيا بذنب واحد

تكذيب من ادّعى حسن ظنّه بربّه وفعله مناف لذلك

قال الحسن: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة. يقول: إني أحسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن بربه لأحسن العمل ثم تلا وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ

«٣» . وقال جعفر: رأيت ميسرة العابد وقد بدت أضلاعه من الاجتهاد فقلت له: إن رحمة الله قريب قال نعم من المحسنين.

ذمّ متمنّ غير عامل

قيل: إذا أبغض الله عبدا أعطاه ثلاثا يحبب إليه الصالحين ويمنعه القبول منهم ويحبب إليه الأعمال ويمنعه الإخلاص فيها ويجري الحكمة على لسانه ويمنعه الصدق بها. وكتب أبو عمير إلى صديق له: أما بعد فإنك تتمنى على الله بسوء فعلك إنما تضرب في حديد بارد.

التّحذير من الاغترار بالله تعالى في تأخير العقوبة

قال الله تعالى: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً

«٤» وقال ابن السماك: إن الله أمهلهم حتى كأنما أهملهم ولقد ستر حتى كأنه غفر، وخطب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>