للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتبيّن فيه مخافة الله تعالى

قيل: ما رؤي النبي صلّى الله عليه وسلّم ضاحكا بعد نزول قوله تعالى: أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ

«١» . وقال رجل ليونس بن عبيد: صف لي الحسن. قال: إذا أقبل فكأنما أقبل من دفن حبيبه، وإذا جلس فكأنما أمر بضرب عنقه وإذا ذكرت النار فكأنما خلقت له.

ووصف ابن عباس أبا بكر رضي الله عنهم فقال: كان كالطائر الحذر له في كل وجه جسد، وكان يعمل لكل يوم بما فيه وكان محمد بن المنكدر لا يرى إلا كئيبا، فقيل له في ذلك، فقال: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ

«٢» . وقال الفضيل من علامة الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل. وكان يقول: حقيق على من كان الموت موعده والقيامة مورده والوقوف والحساب مشهده أن يطول حزنه وبكاؤه. قال مالك بن دينار في التوراة إن الرجل إذا استكمل النفاق ملك عينيه.

المستكبر ذنب نفسه والمتذمّم لفعله

قال بعض الصالحين: كم لي من ذنب لو عرف به الصديق لمقتني ولو عرف به العدوّ لهتكني وقال مطرف: ما نزل بلاء فاستعظمته إلا ذكرت ذنوبي فأستصغره. قيل لحكيم كيف أصبحت؟ قال: آكل رزق ربي مطيعا عدوه. وقيل لحسان بن سنان كيف أصبحت؟ قال:

أصبحت قريبا أجلي بعيدا أملي سيئا عملي. وقال أبو العتاهية:

يظنّ الناس بي خيرا وإني ... لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

وقال أبو محمد الخازن:

بنعمة الله وفي داره ... عصيته جهلا وسوء اختيار

إن لم يغثني عفوه عاجلا ... فإنّني والله في النّار جار

[الممتنع من تناول المشتهيات والمباحات]

عاد مالك بن دينار جارا له فقال له: أتشتهي شيئا فقال: نفسي تنازعني منذ أربعين سنة رغيفا أبيض ولبنا في زجاج فأتاه بهما فجعل ينظر إليهما ويقول: دافعت شهوتي عمري حتى لم يبق إلا مثل ظمأ الحمار، ومات بشهوته.

الحثّ على عبادة الله تعالى لا طلبا لثوابه ولا مخافة من عقابه

قال النباجي: لو لم يكن لله ثواب يرجى ولا عقاب يخشى لكان أهلا أن لا يعصى ويذكر فلا ينسى بلا رغبة في ثواب ولا رهبة من عقاب لكن لحبه وهو أعلى الدرجات، أما

<<  <  ج: ص:  >  >>