للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجناس من الظلمة لما خالطت أجناس النور عمد النور فبنى فيها عشر سموات وثمان أرضين وعمد إلى أكابر الشياطين فشدهم في السموات وكبس العفاريت تحت الأرض ووكل ملكا بإدارة السموات ليشد ما فيها فيمنعها من الصعود إلى النور، ووكل ملكا بحمل السماوات وآخر بحمل الأرضين ووكل الجو بأسفل الأرض إلى أعلى السموات.

وقالت المجوس: الأشياء شيئان قديمان سميعان بصيران، وزعموا أن الله كان وحده ولا شيء معه فلما طالت وحدته فكر فتولد من فكرته أهرمن وهو إبليس، فلما مثل بين يديه أراد قتله فامتنع عليه وسالمه إلى غايته، وزعموا أن العالم جوهر والظلمة والنور فيه غريب مجتاز، وزعموا أن للثلاثين يوما كل يوم ملائكة إلا أهرمن فإن الله تعالى قالوا وكل ما يقرب من أهرمن من الأيام فهو أقرب منه في المنزلة.

وعظموا النار لكونها من جنس النور وزعمواأن العذاب في الجحيم البرد لأنه لما جاء زردشت إلى بلخ وادعى بها النبوة كان البرد فيها يعظم. وزعموا أن كل مؤذ من خلق أهرمن وكل نافع من خلق الله. وقالوا الفأرة من خلق الله والهرة من خلق الشيطان.

وزعموا أن سنورا لو بال في البحر يقتل عشر آلاف سمكة والسمك أحق أن يكون من خلق الشيطان لأنه يأكل بعضه بعضا ويأكل من غرق من الناس، وشرّع لهم نيك الأمهات والتوضؤ ببول البقر لما رآهم في غاية الغباوة.

وقالت السوفسطائية الأشياء على الحسبان نظنها ظنا ولا نعرف لها حقيقة استدلالا بأنا نرى الأشياء في المنام كما نراها في اليقظة، فلا ندري العالم قديم أم محدث. وأما البراهمة فاختلفوا فمنهم من قال بقدم العالم، فقال: المدبرات هي النجوم، ومن قال محدثة. غير أنهم نفوا النبوات.

وأما عبدة الأصنام من العرب فقد أثبتوا الصانع قديما والأشياء محدثة وزعموا أن ذلك يقربهم إلى الله، وقالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر. والفلاسفة يثبتون أشياء كثيرة ثم يسمون واحدا منها ملك الأملاك ويجعلونه رأسا على ما يعبدون.

[اختلاف أهل الكتب غير الإسلام]

فمنهم اليهود فعامتهم جعلوه لحما ودما كمقالة مقاتل بن سليمان. وقال أبيض الرأس واللحية، والسامرية لا يشبه شيئا والأصبهانية عزير ابن الله، وعامة اليهود تقول ذلك لا على معنى يعقل. وقالوا ذلك من أجل أن بختنصّر لما هدم بيت المقدس وقتل قراء التوراة كان عزير صغيرا فلم يقتله، ثم مات عزير ببابل ورجع بنو إسرائيل إلى بيت المقدس، ولم يكن معهم أحد ليجدد لهم التوراة، فلما بعث الله عزيرا أتاهم، وقال: أنا عزير فكذبوه، وقالوا:

إن كنت إياه فأمل علينا التوراة ففعل، فقال بعضهم أبي حدثني أن التوراة جعلت في خابية ودفنت في أصل كرم لنا فانطلقوا فاستخرجوها ونظروا فإذا هو لم يغادر منها شيئا، فقالوا:

ما قدر على هذا إلا وهو ابن الله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>