للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما دلّ على نبوّته ممّا أنزل الله تعالى في الكتب الأول

قال الله تعالى: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ

«١» واسمه مشفع ومعناه محمد.

[كثرة آيات الأنبياء وقلتها]

قال العلماء رضي الله عنهم: إنما كثر أعلام موسى لأن عمله كان مع غباوة بني إسرائيل ونقصان أحلام القبط. قال الجاحظ: ومتى أردت ذلك فانظر إلى بقاياهم هل لهم حكمة أو مثل أو شعر. وانظر إلى أولادهم مع طول لبثهم معنا هل تغيرت بذلك أخلاقهم، ثم من غباوتهم ما حكى الله تعالى عنهم في قولهم: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ

وأَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً

وفَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ

«٢» وآياتهم انقطعت بموتهم وعرفها من بعدهم وجعل من معجزات نبينا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأشرك الله تعالى فيه السلف وجعله باقيا على مرور الأزمان.

من ادّعى النبوّة برقاعة غير حذق

قيل للأحنف وكان ممن زف سجاح إلى مسيلمة: ما وجدته؟ قال: ما هو بنبي صادق ولا متنبئ حاذق، وفيها يقول:

أضحت نبيتنا أنثى يطاف بها ... وأصبحت أنبياء الله ذكرانا

ولما تنبأت سجاح أتبعها ناس كثير من بني تغلب ومسيلمة باليمامة، وكان أصحاب سجاح يكذبون مسيلمة وأصحاب مسيلمة يكذبون سجاح، فقالت سجاح: نذهب إليه فإن كان نبيا أطعناه فذهبت بقومها فأغلق باب حصنه وشارطها على الدخول وحدها فلما خلت به قالت: ما أنزل عليك؟ قال إنه يحل لي أن أنكح المتزوجات وتصبو إليّ المرأة الفضيلة تجدها فيّ وتدع زوجها، قالت: فهل من آية غيرها؟ قال: لم أؤمر بآية فأقلع عنها حتى تقبل أو ترد. قالت: فقد ركنت إلى ذلك، قال فاسمعي:

ألا قومي إلى النيك ... فقد هيء لك المضجع

فإن شئت علقناك ... وإن شئت على أربع

وإن شئت ففي البيت ... وإن شئت ففي المخدع

وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع

ثم واقعها فخرجت إلى قومها فقالت: إني وجدت نبوّته صادقة وتزوجته فقالوا لها: إنا نكره رجوعنا بها بلا صداق، قال: قد حططت عنكم صلاة الفجر والعشار الأخيرة. وقيل لنبي ما دليلك؟ قال القرآن، أما قال الله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ

«٣» ، واسمي الفتح قالوا، فينبغي أن يشركك في النبوّة من اسمه اسمك. قال كم

<<  <  ج: ص:  >  >>