للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مدح الكتابة]

جعل الله تعالى كتبة الملائكة كراما كاتبين. حيث يقول: كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون.

وقال تعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ

«١» قيل: بلغت الكتابة بقوم مبلغ الملوك وأعطتهم أزمة الخلافة. ونال الخلافة أربعة من الكتاب: عثمان وعليّ ومعاوية وعبد الملك.

وسأل أعرابي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له حتى انتهوا إلى ذكر معاوية، فقالوا:

كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فلج «٢» وربّ الكعبة فإن الأمور بيد الكتاب.

قال الشاعر:

ما النّاس إلا الكتبه ... هم فضّة في ذهبه

قد أحرزوا دنياهم ... بشعبة من قصبه

وقال ابن الحجّاج:

وشمول كأنّما اعتصروها ... من معاني شمائل الكتّاب

وقيل: كل صناعة تحتاج إلى ذكاء، إلا الكتابة فإنها تحتاج إلى ذكاءين: جمع المعاني بالقلب، والحروف بالقلم. ولذلك قيل بالفارسية: ديبر، أي له ذكاآن.

وقال الجاحظ: لم أر مثل طريقة الكتاب، فإنهم اختاروا من الألفاظ ما لم يكن وحشيا ولا ساقطا سوقيا، وقال: إنما عذب شعر النابغة لأنه كان كاتبا وكذلك زهير.

ذمّ الكتّاب

قال الجاحظ في ذمّهم: ما قولك في قوم أوّل من كتب منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالفه في كتابه، فأنزل الله فيه آيات، فهرب إلى جزيرة العرب فمات كافرا. ثم استكتب معاوية فكان أوّل من غدر وحاول نقض عرى الإسلام في أيامه، ثم كتب عثمان لأبي بكر مع طهارة أخلاقه فلم يمت حتى أدّاه عرق الكتابة إلى ذم من ذمه من أوليائه. ثم كتب لعمر رضي الله عنه، زياد بن أمية فانعكس شرّ مولود، وكتب لعثمان رضي الله عنه مروان بن الحكم، فخانه في خاتمه وأشعل حربا في مملكته.

وقال بعضهم، وقد جلس في ديوان: أخلاق حلوة وشمائل معشوقة ووقار أهل العلم وظرف أهل الفهم، وإذا سبكتهم وجدتهم كالزبد يذهب جفاء لا يستندون إلى وثيقة ولا يدينون بحقيقة. فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون.

قال كشاجم:

بأبي وأمّي أنت من مستجمع ... تيه القيان ورقّة الكتاب «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>