للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعمال الآخرة ولم توضع للتجارة، ولا يغرنّك أقوام اتخذوا فيها حوانيت ويقولون نحن مجاورون وقد أعياهم الكسب في بلادهم فصاروا فيها تجارا، كذبوا ما هم بمجاورين إنما المجاور من هو مقيم بها للعبادة وعمل الآخرة، فينفق من فضل الله ما آتاه لله ولا يكسب فيها ولا يشغل نفسه بالكسب فيها، ولأن ترجع إلى بلدك فتشتري به وتبيع وتحج في كل عشرين سنة أحب إليّ من أن تكون مقيما بمكة تحج وتعتمر كل سنة وتبيع وتشتري فيها.

[دخول البادية بلا راحلة ولا زاد]

قال علي بن الموفق، وكان من كبار الصوفية متحققا مجتهدا: حججت ستين سنة فكنت سنة في محملي، فرأيت رجالة، فأحببت أن أمشي معهم، فنزلت ومشيت وتقدمت الناس ثم عدلنا إلى الطريق فنمت فرأيت في المنام جواري لم أر كحسنهنّ، معهنّ طسوت من ذهب وأباريق، فأقبلن على أولئك المشاة يغسلن أرجلهن حتى بقيت فأرادت واحدة أن تغسل رجلي، فقالت لها أخرى: ليس ذا منهم، هذا له محمل. فقالت: بلى أحبّ أن يماشيهم فغسلت رجلي فذهب عنّي كل تعب.

وسئل الجلاء عن رجال يدخلون البادية بلا زاد فقال: هم رجال الحق. قيل: فإن هلك أحدهم قال: الدية على العاقلة.

وقال بنان الحمال: دخلت بادية تبوك فاستوحشت، فهتف بي هاتف نقضت العهد تستوحش. أليس الحبيب معك؟ وقيل لبعضهم: أتدخل البادية بلا زاد؟ فقال: إن معي زادي وهو التقوى، أليس الله يقول: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى. وأما الفقهاء فقد كرهوا ذلك لقول الله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

[يوم النحر]

وقف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين الجمرتين بمنى في الحجة التي حج، وذلك يوم النحر، فقال: هذا يوم الحج الأكبر. وقال صلّى الله عليه وسلّم: أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر.

[الأضحية]

روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ضحّى بكبشين أملحين أقرنين، يهلل ويكبر ويسمّي، وقال: البدنة عن سبعة. والبقرة عن سبعة. وقال أمير المؤمنين رضي الله عنه: أمرنا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن نستشرف العين والأذن ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء، فالمقابلة التي يقطع طرف أذنها والشرقاء التي تشق أذنها. والخرقاء التي تخرق أذنها ونهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة، فالمصفرة التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة المقدودة من أصلها والبخقاء التي تبخق عينها والمشيعة التي لا تزال تتبع الغنم عجفا وضعفا والكسراء الكسيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>