للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أعرابي يا رب تظاهرت عليّ منك النعم، وتكاثفت مني عندك الذنوب، وأحمدك على النعم التي لا يحيط بها إلا علمك. ووضع أعرابي يده على باب الكعبة فقال: يا رب سائلك ببابك قد مضت أيامه، وبقيت آثامه، فأرض عنه وإلا ترض عنه فأعف عنه، فقد يعفو السيد عن العبد وهو عنه غير راض.

وقال عمرو بن العاص حين احتضر: يا رب إنك أمرتنا فلم نأتمر، وزجرتنا فلم ننزجر، وإنا لا نعتذر ولكن نستغفر. وقال ابن السماك عند وفاته: اللهم إنك تعلم أني كنت أعصيك، وأحب أن أكون ممن يطيعك، إلهي كم تتحبب إليّ بنعمتك وأنت غني عني، وكم أتبغض إليك بذنوبي وأنا إليك فقير سبحان من إذا توعد عفا، وإذا وعد وفى. وقالت امرأة: اللهم إني أقوم كسلى وأصلي عجزى فاغفر لي قبل عروي «١» ما جرى.

ووقف أعرابي على قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: قد قبلنا منك وحفظنا ما أديت عن ربك ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله توابا رحيما. فقد ظلمنا أنفسنا واستغفرنا فاستغفر لنا.

وكان شريح يقول: اللهم إني أسألك الجنة بلا عمل عملته، وأعوذ بك من النار بذنب ركبته، قال أمير المؤمنين كرم الله وجهه: أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد وهو ساجد إن ظلمت نفسي فاغفر لي ثلاثا.

[من سأل خير الدارين]

طاف أعرابي بالبيت ثم صلّى ركعتين ونهض فقيل له: ما لك حاجة إلى الله؟ قال:

بلى وقد سألته. قيل وما قلت؟ قال: قلت اللهم إنك قد أحصيت ذنوبي فاغفرها وعلمت حاجتي فاقضها. وقال بعضهم: أستغفر الله والحمد لله فقيل له في ذلك فقال: ما رأيت أجمع من هاتين الكلمتين، أنا بين ذنب ونعمة أستغفر الله من الذنب وأحمده على النعمة.

[من سأل الله الغفران بفعلة كانت منه]

دعا رجل بالبصرة في مسجد فقال: اللهم إني وإن كنت عصيتك فبحبي فيك من أطاعك إلا رحمتني. فهتف به هاتف: يا هذا لقد عقدت عقدا لا ينحل أبدا. ولما حج عمر بن ذر اجتمع الناس إليه فقالوا له: ادع لنا بدعوة. فقال: اللهم أرحم قوما لم يزالوا منذ خلقتهم على مثل ما كانت عليه السحرة يوم رحمتهم وقانا الله هول المطلع وضيق المضجع وسوء المرتجع، اللهم لو سألتني حسناتي مع حاجتي إليها لوهبتها لك وأنا عبد فكيف لا تهب لي سيئاتي مع غناك عنها وأنت رب، اللهم أسألك المغفرة يوم كل نفس إليك فقيرة، فإن النعمة فيها كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>