للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتل الشبلي ثم برأ فقال له بعض أصحابه: كيف أنت؟ فقال:

كلما قلت قد دنا حل قيدي ... قدموني وأوثقوا المسمارا

الحياة لا تملّ

قال بعض الحكماء: الحياة وإن طالت لا تمل وإنما يمل المرء تكاليف الحياة ولهذا فضّل قول زهير:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

على قول لبيد:

ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس كيف لبيد؟

وقيل: إن الحياة لا تسأم وإنما تسأم تكاليفها، قال المتنبي:

ولذيذ الحياة أنفس في النفس ... وأشهى من أن يملّ وأحلى

وإذا الشيخ قال أف فما م ... لّ حياة وإنما الضّعف ملّا

آلة العيش صحّة وشباب ... فإذا ولّيا عن المرء ولّى

ودخل سليمان بن عبد الملك مسجد دمشق فرأى شيخا. فقال: يا شيخ أيسرك أن تموت؟ فقال: لا والله. قال: لم؟ وقد بلغت من السن ما أرى؟ قال: نفى الشباب وشره وبقي الشيب وخيره، فأنا إذا قعدت ذكرت الله وإذا قمت حمدت الله فأحب أن تدوم لي هاتان الحالتان.

[المستنكف أن يموت حتف أنفه]

قال الشنفرى:

فلا تقبروني إنّ قبري محرّم ... عليكم ولكن أبشري أم عامر «١»

وقال بكر بن عبد العزيز:

إن موت الفراش ذلّ وعار ... وهو تحت السيوف فضل شريف

وإني لأستحسن قول أبي فراس بن حمدان:

متى ما يدن من أجلي كتابي ... أمت بين الأسنّة والأعنّة «٢»

وقال آخر:

فيا ربّ لا تجعل حياتي دنيئة ... ولا ميتتي يا ربّ بين النوائح

ولكن صريعا بين أرماح فتية ... طوال القنا من فوق أدهم قادح «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>