للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظفر. قال أنوشروان: الصبر كاسمه وعاقبته العسل. وقيل: الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت. وقيل: مكتوب على باب الجنة من صبر عبر.

حثّ الجزوع على الصّبر وتحكيمه بين الجزع والصّبر

قال أمير المؤمنين كرّم الله وجهه: إن صبرت فأنت مأجور وإن جزعت جرى عليك المقدور وأنت مأزور. قال بعضهم: رآني راكب وأنا مكبّ على قبر أبكي، فقال: اصبر فالصبر خير معية، فلم أصغ إليه، فولّى وهو يقول:

فإن تصبرا فالصبر خير معيّة ... وإن تجزعا فالأمر ما تريان

وقال أبو راكد:

فإن صبرت فلم ألفظك من شبع ... وإن جزعت فعلق منفس ذهبا

وقال النابغة:

ألا أيّها الباكي لأحداث دهره ... تحمّل على ما يحدث الدهر فاصبر

فإن أنت لم تصبر لما كان جائيا ... وأبصرت تنكيرا لذاك فأنكر

الحثّ على تصوّر النوائب والاستعداد لها لتخفّ عند نزولها

قيل: ما أمتع الدهر إلا ليمنع ولولا اغترار الجاهل بفوائده لخلت النفوس من الحسرة على نوائبه. قيل: لا تخل قلبك من عوارض الفكر وخواطر الذكر فيما تعروك به الأيام من ارتجاع ودائعها وحلول وقائعها. وقيل: من كان متوقعا لم يلف متوجعا.

قال ابن الرومي:

ألم تر رزء الدهر من قبل كونه ... كفاحا إذا فكرت في الخلوات

فما لك كالمرمي في مأمن له ... بنبل أتته غير مرتقبات

فإن قلت مكروه أتاني فجأة ... فما فرحت نفس مع الخطرات

ولا عوفصت نفس لبلوى وقد رأت ... عظات من الأيام بعد عظات «١»

إذا بغتت أشياء قد كان مثلها ... قديما فلا تعتدها بغتات «٢»

الغمّ يمرض البدن

سئل عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الحزن والغضب فقال: أصلاهما واحد، وذلك وقوع الأمر على خلاف المحبة فأما فرعاهما فمختلفان فالمكروه ممن فوقك ينتج حزنا وممن دونك ينتج غضبا. قال المتنبي:

وحزن كلّ أخي حزن أخو الغضب

<<  <  ج: ص:  >  >>