للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التسلية بعد وقوع المحذور]

اشتكى ابن لعمر بن عبد العزيز فجزع عليه ثم مات، فرؤي متسليا. فقيل له في ذلك فقال: إنما كان جزعي رقة له ورحمة فلما وقع القضاء زال المحذور. وقالت امرأة مات واحدها فرؤيت حسنة الحال: أمّنني من المصائب بعد.

قال البحتري:

صعوبة الحزن تلقى في توقّده ... مستقبلا وانقضاء الرزء إن يقعا

وقال آخر:

فقد جرّ نفعا فقدنا لك إنّنا ... أمنّا على كلّ الرزايا من الجزع «١»

وقال:

وكنت عليه أحذر الموت وحده ... فلم يبق لي شيء عليه أحاذر

ومرض ابن لجعفر بن محمد فجزع ثم مات، فلم يجزع، فقيل له فقال: أما بعد وقوع الأمر فلم يبق إلا الرضا والتسليم. وقال بعضهم: نزلت بامرأة ذات أولاد وثروة، فلما أردت الإرتحال قالت: لا تخلني إذا وردت هذا الصقع. ثم أتيتها بعد أعوام فوجدتها قد افتقرت وثكلت أولادها وهي ضاحكة مسرورة، فسألتها فقالت: إني كنت ذات ثروة وجاه وكانت لي أحزان فعلمت أن ذلك لقلة الشكر، وأنا اليوم بهذه الحالة أضحك شكرا لله تعالى على ما أعطاني من الصبر. ومن أحسن ما قيل في ذلك. قول أوس بن حجر:

أيّتها النفس أجملي جزعا ... إن الذي تحذرين قد وقعا

وقيل: إذا استأثر الله تعالى بشيء فاله عنه:

فلست أرجو ولست أخشى ... ما أحدثت بعده الدهور

فليجهد الدهر في مساتي ... فما يرى بعد ما يضير

وقال:

ألا ليمت من شاء بعدك إنما ... عليك من الأقدار كان حذاريا

من تمنّى بعده زوال الدّنيا وموت الورى

قالت أم جرير:

فلا وضعت أنثى ولا أب واحد ... ولا ذرّ قرن الشمس بعد جرير «٢»

قال محمد بن صالح:

قل للردى لا تغادر بعده أحدا ... وللمنيّة من أحببت فاعتمدي

<<  <  ج: ص:  >  >>