للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المتنبّي:

لا قلّبت أيدي الفوارس بعده ... رمحا ولا حملت جوادا أربع

الحثّ على التسلّي لقرب اللحوق بالميت والتمدّح بذلك

دخل الطائي على جعفر بن سليمان وقد توفي له أخ، فاشتد جزعه عليه، فقال: أذكر مصيبتك في نفسك تنسك فقد غيرك. واذكر قول الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ

«١» ، وخذ بقول الشاعر:

وهوّن ما ألقى من الموت أنّما ... أصابك منه يا بنيّ مصيبي

وكتب بعضهم: فيم الجزع ونحن على مدرجة المتوفى. وقال إبراهيم بن المهدي:

وإنّي وإن قدمت قبلي لعالم ... بأني وإن أبطأت عنك قريب

وقال يحيى بن زياد:

وهوّن وجدي أنني سوف أغتدي ... على إثره يوما وإن نفس العمر

الحثّ على التسلّي بمن أصابه كمصيبته والتمدح بذلك

روي أنّ الإسكندر حكم له أنه لا يموت إلا بأرض سماؤه ذهب وأرضه حديد. فلما سقط من دابّته حمل على درع وظلل بترس من ذهب فلما أفاق ورأى ذلك فطن لما حكم له، وقال: قاتل الله المنجمّين، يقولون ولا يفسرون، فكتب إلى والدته أن أصنعي طعاما وإدعي له من لم تصبه مصيبة، فامتثلت فبقي الطعام ولم يأتها أحد، ففطنت أنه أرسل يعزيها، وقال:

وما أنا بالمخصوص من بين من أرى ... ولكن أتتني نوبتي في النّوائب

وتوفي ابن لمسلمة فاشتد جزعه حتى أمسك عن الطعام والشراب، فدخل في غمار الناس رجل رثّ الهيئة، فأنشده:

وطيّب نفسي عن شراحيل أنني ... إذا شئت لاقيت امرأ مات صاحبه

فقال: ويحك، أعد فأعاده فدعا بالطعام. قالت الخنساء:

ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسلّي النفس عنه بالتأسّي

وقال حريث:

ولولا الأسى ما عشت في الناس بعده ... ولكن إذا ما شئت جاوبني مثلي

ونزل عروة بن الزبير بالوليد ومعه ابنه فضربته دابّة فأصبح ميتا. ووقعت الأكلة في

<<  <  ج: ص:  >  >>