للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسلية عمّن مضى بمن بقي

قال الحمدوني:

حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا ... خراش وبعض الشر أهون من بعض

وقال البحتري:

تعزّ بالصبر واستبدل أسى بأسى ... فالشمس طالعة إن غيّب القمر

وقال المتنبّي:

قاسمتك المنون شخصين جورا ... جعل القسم نفسه فيك عدلا «١»

فإذا قست ما أخذن بما غا ... درن سرّى عن الفؤاد وسلّى

وقيل لرجل ماتت امرأته نفساء: عظم الله أجرك فيما أباد وبارك لك فيما أفاد.

[التعزية بمملوك]

دخل إبراهيم ابن العباس على الواثق وقد أصيب بخادم كان مشغوفا به، فقال: في بقاء السيد المالك عزاء عن المملوك الهالك.

[أدعية لذوي المصيبة]

جعل الله رزيته خاتمة الرزايا، وصب على أعدائه ديم المنايا. لا جرّعك الله مصيبة غيرها ولا أنالك قارعة سواها. لا نهشتك بعدها حيّة ولا لذعتك كيّة. جعل الله مصيبتك أدبا ولا جعلها غضبا. لقّاك الله الصبر ووقاك ما يحبط الأجر لا أنساك الله المصيبة بأعظم منها. وهب الله لك عمرا طويلا وأجرا جزيلا وصبرا جميلا.

وقال رجل لابن عمر: عظّم الله أجرك فقال: بل جعل لي العافية، معناه أن تعظيم الأجر في تعظيم ما يؤجر عليه من المصيبة. ويقال: أخلف الله عليك لما منه عوض، وخلف الله عليك لما ليس منه عوض. وقال يحيى البرمكي: التعزية بعد ثلاث تجديد للمصيبة والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودّة.

[تعازي الحمقاء]

مات ابن لعبد الملك فجاءه ابنه الوليد يعزّيه فقال: يا بنيّ مصيبتي فيك أقدح في بدني من المصيبة بأخيك، قال: أمّي أمرتني بذلك. واغتم الحجّاج بموت صديق له وعنده شاميّ أوفده إليه عبد الملك في مهمّة. فقال الحجاج: ليت إنسانا يعزّيني عنه بأبيات.

فقال: أقول أيها الأمير قال: قل، فقال: كل خليل سوف يفارق خليله بموت أو بصلب أو يقع فوق البيت أو يقع البيت عليه، أو يسقط في بئر، أو يكون سبب لا نعرفه. فقال الحجّاج: حسبك، فمصيبتي بأمير المؤمنين حيث أرسل مثلك في مهمّة أنستني هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>