للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بنات نعش]

قال ابن هرمة:

وبنات نعش يشتددن كأنّها ... بقرات رمل خلفهنّ جآذر «١»

وقال التنوخي:

كأنّ بني نعش نساء حواسر ... قرائب قد شيّعن نعش قريب

وقال ابن طباطبا في وصف ليلة مقمرة:

وليلة مثل يوم شمسها قمر ... بدت بدوّ الضّحى ظلّاء قمراء

يا حسنها ليلة عاد النهار بها ... أنسا وطيبا وإشراقا ولألاء

وقال ابن المعتز:

بيضاء قمراء أتاها صبحها ... وثيابها من ظلمة لم تدنس

وقال آخر:

كأنما فضة ذابت على البلد

[ظلمة الليل]

قال بعض الأعراب: خرجت في ليلة حندس «٢» قد ألقت على الأرض أكارعها «٣» فمحت صور الأبدان فما كنا نتعارف إلا بالآذان. وقال آخر: سريت ليلة حين انحدرت أيدي النجوم وشالت أرجلها، فما زلت أصدع «٤» الليل حتى تصدع لي الفجر.

وسأل هشام بن عبد الملك خالد بن صفوان فقال: كيف سيرك؟ فقال: قتل أرضا عالمها وقتلت أرض جاهلها بينا أنا أسير ذات ليلة إذ عصفت ريح شديدة اشتدت ظلماؤها وأطبق سناؤها وطبّق سحابها، ونطق ذبابها، فبقيت محرنجما كالأشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عقر، لا أسمع لواطئ همسا ولا لنائح جرسا، تدلت عليّ غيومها وتوارت عنّي نجومها، فلا أهتدي بنجم طالع ولا بعلم لامع، أقطع محجة وأهبط لجّة في ديمومة قفر بعيدة القعر، فالريح تخطفني والشول تخبّطني، في ريح عاصف وبرق خاطف، قد أوحشني أكامها وقطعني سلامها. فبينا أنا كذلك وقد ضاقت عليّ معارجي وسدّت مخارجي، إذا بدا نجم لائح وبياض واضح وعرضت لي أكام محرملة «٥» ، فإذا أنا بمصانعكم هذه فقرّت العين وانكشف الرين وذهب الاين.

فقال هشام: لله درك فما أحسن وصفك. قال شاعر:

هو ليل كشباب ... لم يطر فيه مشيب

<<  <  ج: ص:  >  >>