للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الله تعالى عنهم أنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا (الآيات) وكان الشياطين يتسمعون ما يوحونه إلى أوليائهم. وقد زعم بعض الناس أن الله تعالى جعل الرجوم حجة لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وقال قوم ليس كذلك. فقد قال بشر:

فجال على نفر كما انقضّ كوكب ... وقد حال دون النقع والنقع يسطع «١»

وقال أمية بن أبي الصلت:

وترى شياطينا تروغ مضافة ... ورواغها صبر إذا ما تطرد «٢»

تلقى عليها في السّماء مذلّة ... وكواكب ترمى بها فتعرد

صرع الجنّ للإنسان وغيره

عندهم أن الجن يصرع الإنسان لحبّه له. وقيل: إن فتى قبيحا حصل جارية مليحة فقال لها: ما في الدنيا أملح منّي. فجاء إلى بابه يوما فتى ظريف يطلبه فتطلّعت فرأته فلما عاد قالت له: ألم تقل إن ما في الدنيا أحسن منك؟ وقد جاء فلان يطلبك فرأيته أملح منك. فقال الرجل: يريد أن يقبحه في عينها: هو مليح لكن له جنية تصرعه كل شهر مرة.

فقالت: لو كنت جنيته لصرعته ألفين.

واستدل على أن نتيجة الصرع من الجنّ بقوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ

«٣» وقالوا في بعير مجنون: إنه لا يرى ما لا ترى الإبل. وقالوا: قد يجن الجن. وأنشد لدعلج الحكم:

وكيف يفيق الدهر كعب بن ناشب ... وشيطانه عند الأهلة يصرع

تصوّر الجن للإنسان بصور

تزعم العامة أن الجنّ تتصور بأي صورة تشاء، إلا الغول «٤» فإنها تتصور في صورة امرأة، إلا رجليها فإنهما لا بد وإن يكونا رجلي حمار. وقاسوا ذلك بتصوير جبريل عليه السلام بصورة دحية الكلبي، وتصوّر إبليس بصورة سراقة بن مالك، وبصورة الشيخ النجديّ.

والغول تتصور للإنسان فتغوله أي تهلكه، ويقولون من ضربها ضربة قتلها. وإذا زيدت لم تمت ولو ضربت ألوفا. قال شاعر:

فقالت زد فقلت رويد أني ... على أمثالها ثبت الجنان

<<  <  ج: ص:  >  >>