للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لها الوليد: ما يمنعك من البكاء على أمير المؤمنين ولا مصيبة أجل من فقده فقالت:

ما أقول أستزيد الله في سلطانه حتى يقتل لي أخا آخر. فقال: أي والله لقد كسرنا ثناياه وقتلناه. قالت: لقد علمت من شقت إسته بالملمول. قال: ألحقي بأهلك ألذ من الرفاء والبنين.

وقف يزيد بن عبد الملك على حائك وإلى جانبه فرس رائع مربوط فجعل يتعجب منه فقال: ما رأيت كاليوم فرسا كأنه بغلة فأعجب يزيد به، فقال وأريك ما هو أعجب وأخرج سيفا كأنه بقلة فساومه يزيد فيه بأربعة آلاف دينار فأبى وقال أريك، أعجب من ذلك ثم رفع سترا فبدت جارية كفلقة قمر، فقال: هل لك أن تنزل عنها بألف دينار فأبى وقال:

ولم أريتنيها قال لتعلم أن الله له نعم على أقنا الناس.

وقال بعض الأنصار: من أدمن إتيان المساجد رأى فيها ثماني خصال: أخا مستفادا وعلما مستظرفا وآية محكمة، ورحمة منتظرة، وكلمة تدل على هدى، وأخرى تردّ عن ردى، وترك الذنوب حياء أو خشية.

شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فردّه مع محمد بن سلمة الأنصاري وأمره أن يطوف في مساجدهم يسألهم عن سيرته فجعلوا يقولون: خيرا، حتى أتى مسجد بني عبس فقام أسامة بن زيد العبسي فقال: كنت والله لا تعدل في القضية ولا تعزو في السيرة، ولا تقسم بالسويّة فقال: اللهم إن كان كاذبا فأطل عمره وأدم فقره ولا تنجيه من معاريض الفتن فرؤي شيخا كبيرا يمشي على محجن «١» فيقول شيخ أعمى أدركته دعوة العبد الصالح.

دخل بعض الشعراء على أمير فأنشده:

إن الأمير يكاد من كرم ... أن لا يكون لأمّه بظر

فقال أعطوه شيئا لئلا يهذي، وأحب أن لا يعود يمدحنا.

ودفع رجل إلى خياط ثوبا ليخيطه فقال لأخيطنه لا تدري أقباء أم قميص؟ فقال لأمدحنك ببيت لا تدري إهجاء أم مديح وكان الخياط أعور فقال فيه:

خاط لي عمرو قبا ... ليت عينيه سوا

ولما أنشد النابغة النعمان قوله:

تخفّ الأرض ما بنت عنها ... وتبقى ما بقيت بها ثقيلا «٢»

غضب وقال: لا أدري أهجوتني أم مدحتني؟ فقال:

حللت بمستقر العزّ منها ... وتمنع جانبيها أن تزولا

<<  <  ج: ص:  >  >>