للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلح لهم إلا هذا. ولو علموا ما لهم عندي، لأخذوا ثوبي من عاتقي.

السياسة بالرّغبة والهيبة

كان أنوشروان يوقّع في عهود الولاة: سس خيار الناس بالمحبة، وامزج للعامة الرهبة بالرغبة. وسس «١» السفلة بمجرد الهيبة.

ولما وفد سعد العشيرة في مائة من أولاده على ملك حمير، سأله عن صلاح الملك، فقال: معدلة شائعة وهيبة وازعة «٢» ، ورعية طائعة ففي المعدلة حياة الأنام، وفي الهيبة نفي الظلام، وفي طاعة الرعية حسن الإسلام.

وقال زياد: ما غلبني معاوية في شيء من السياسات، إلا في واحدة. استعملت رجلا على قرية فكسر خراجها ولحق بمعاوية. فكتبت إليه أن ابعثه إليّ، فكتب ليس ينبغي أن نسوس الناس سياسة واحدة. إذا وليت القطاة فحق أن لي الليانة، لكن إذا هرب هارب من باب وجد بابا يدخله والسلام.

وقال أنوشروان إن هذا الأمر لا يصح له إلا لين في غير ضعف وشدة في غير عنف «٣» .

ودخل أبو معاذ على المتوكل حين استخلف فأنشده:

إذا كنتم للنّاس أهل سياسة ... فسوسوا كرام النّاس بالرفق والبذل

وسوسوا لئام النّاس بالذلّ يصلحوا ... على الذلّ، إن الذل يصلح للنّذل

[السياسة بالملاينة]

أوصى عمر بن عبد العزيز واليا، فقال: عليك بتقوى الله فانها جماع الدنيا والآخرة.

واجعل رعيتك الكبير منهم كالوالد، والوسط كالاخ، والصغير كالولد. فبّر والدك وصل أخاك وتلطّف بولدك.

وقال بعضهم: الحبس يحبس المال والقيد يقيّده، والتسهيل يسهّله. فاستعمل الرفق يرج «٤» مالك.

ولّى أمير المؤمنين رجلا فقال: لا تضربنّ أحدا سوطا ولا تتبعنّ له رزقا ولا كسوة لشتاء أو صيف، ولا دابة يعملون عليها. فقال: يا أمير المؤمنين إذا أرجع إليك كما ذهبت.

فقال: وإن رجعت كما ذهبت. إنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو.

<<  <  ج: ص:  >  >>