للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن عمر رضي الله عنه أتي بمال كثير فقال لعماله: إني أظنّكم قد أهلكتم الناس، فقالوا: لا والله ما أخذنا إلا عفوا صفوا بلا وسط. وقال معاوية لمروان: من ترى للعراق؟ فقال من لا يمسح الحلوب «١» ، حتى يجمع الدرّة، ولا يدنى بالعلبة حتى يمسح الصرّة.

الحثّ على ترك التتبّع والرسوم الجائرة

كتب بعض الوزراء إلى عامل: سوق السعادة عندنا كأسدة وألسنتهم لدينا معقولة ولم نرد هذه الناحية لاحياء العظام الناخرة، ولا لتتبع الرسوم العافية. عامل الناس بما في ديواننا فإنّها أيام قلائل فإما ذكر الأبد أو خزي الأبد. وتجنّب أن تكون، كما قال جرير:

وكنت متى حللت بدار قوم ... حللت بخزية وتركت عارا

وقيل: لا ينبغي للوالي أن ينقض سنّة «٢» ... اجتمعت عليها الألفة وصلحت عليها

العامة.

وأخرج أبو علي بن رستم عاملا إلى بعض النواحي، وكان في القرية حمام كثير فعدّه وأخذ واحدة منها وشقّ حوصلتها وعدّ الحبوب الموجودة فيها واحتسب بذلك. فقال: إن كل حمامة تأكل في السنة من الحنطة كذا. وألزمهم ذلك فكتب أبو علي إليه كتابا وفي آخره هذا الشعر:

عجبت من نفسي ومن إشفاقها ... ومن طرادي الطير عن أرزاقها

في سنة قد كشفت عن ساقها ... والموت في عنقي وفي أعناقها

والأبيات لرؤبة قالها وقد تولى طراد الطير عن زرع له.

وكتب إلى أنوشروان عامل له بناحية يعلمه جودة الريع «٣» بها، ويستأذنه في الزيادة على الرسم. فأمسك عن إجابته. فعاوده العامل في ذلك، فكتب إليه: قد كان في تركي إجابتك عن كلامك ما حسبتك تنزجر به عن تكلّف ما لم تؤمر به. فإذ قد أبيت إلا تماديا في سوء الأدب فاقطع إحدى أذنيك. واكفف عمّا ليس من شأنك. فقطع العامل إحدى أذنيه ائتمارا له.

حثّ الولاة على مراعاة الديانة

قال أزدشير «٤» : الدين والملك أخوان لا غنى بأحدهما عن الآخر. فالدين أس والملك حارس، والبناء ما لم يكن له أس مهدوم، والملك ما لم يكن له حارس فضائع.

حثّ السلطان على اعتبار ظاهر الرعيّة دون بواطنهم

قال بعض الملوك: أنا أملك الأجساد، لا النيّات. وأحكم بالعدل لا بالرضا، وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>