للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضي ولم يعلم والآخر من يعلم فيقضي بغير الحق وأما الذي في الجنة فهو الذي يعلم ويقضي بالحق، وقال صلى الله عليه وسلم: إن مع القاضي ملكين يسددانه ويوفقانه فإن عدل أرشداه وأعاناه وإن جار قذفاه في النار. وقيل: المذموم من القضاة من سعى في طلبه، وقال صلى الله عليه وسلم: لعبد الرحمن ابن سمرة: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فانك إن سألتها وكلت إليها وإن سئلتها أعنت عليها، وقال صلى الله عليه وسلم: من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: شكت بقعة من الأرض إلى ربها أنها جعلت حشا فأوحى الله إليها أما ترضين أني لم أجعلك بقعة قاض. وكان ابن شبرمة يقول: يا جارية هاتي غذائي لأخرج إلى بلائي.

الممتنع من تولّي القضاء

أمر المنصور أبا حنيفة «١» رحمه الله أن يتولى القضاء فقال: لا أصلح لذلك فقال:

إنك تصلح، فقال: إن كنت صادقا فلا يجوز لك أن توليني وإن كنت كاذبا فقد فسقت فقال: والله لتلين. فقال: والله لا وليت فقال حاجبه: أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف فقال: أمير المؤمنين أقدر على الكفارة مني. قيل لما مات عبد الرحمن بن أذينة ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أتى الشأم فوافق ذلك عزل قاضيها فهرب حتى أتى اليمامة فقيل له في ذلك فقال: ما وجدت مثلا للقاضي العالم إلا مثل رجل سابح وقع في بحر، فكم عسى يسبح حتى يغرق.

الممدوح بترك الميل والعفّة والحلم

اختصم إلى زياد رجلان فقال أحدهما: إن هذا يدل بحرمة له عندك، فقال: صدق وسأجزيه بما ينفعه من ذلك، إن كان الحقّ له عليك آخذك به وإن كان الحقّ لك عليه أقضى عليه، ثم أقضى عنه من مالي، وولّى إسماعيل بن أحمد قاضيا عفيفا فكلفه يوما أن يقبل رجلا لم يكن عنده عدلا فامتنع عليه فقال له: ما أثقلك من بين القضاة! فقال: اعزلني إن كنت ثقيلا، فقال: قد عزلتك، فتناول القاضي قلنسوته من على رأسه فجعلها في كمّه وخرج، فندم إسماعيل على ذلك فرده وسأله أن يتولى فأبى عليه ولما استعفى شريح الحجاج من قضاء العراق قال: والله لا أعفيتك أو تدلّني على من إذا غضب على الخصوم رجح به حلمه عن الهجوم، ومن إذا دعاه كثرة المال لم ينهضه إليه سوء الحال فقال: أدلّك على شريف عفيف يمنعه شرفه من التسلّط عليه وتحجبه عفته عن التملّق «٢» قال: من هو؟ قال:

ابن أبي موسى الأشعري فاحضره وولاه، قال الزهري: ثلاث إذا كن في القاضي فليس

<<  <  ج: ص:  >  >>