للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن استفرغ في الخدمة جهده خيّل إليه أنه بذل عفوه. أثبت من الجدار إذا استمهل وأسرع من البرق إذا استعجل.

قال الرشيد لإسحاق الهاشمي: أخبرت أن لك غلاما فصيحا، فقال: ها هو بالباب. ثمّ دعاه فقال: إن مولاك قد وهبك لنا. قال: فما زلت وما تحولت. فقلنا: ما معنى قولك فقال: ما زلت لك منذ كنت غلامه وما تحولت عنه إذ صرت لك، فأمر له بصلة وأحسن إليه.

[من أعتق من صلحاء العبيد]

حكي أنّ ابن عمر رضي الله عنه مرّ براعي غنم مملوك فقال: أتبيعني شاة من غنمك؟

قال: ليست هي لي، فقال: أين العلل وأراد أن يمتحنه فقال: فأين الله؟ فاشتراه وأعتقه.

فقال الغلام: اللهم إنك رزقتني العتق الأصغر فارزقني العتق الأكبر، وأعتق عمرو بن عقبة غلاما له كبيرا فقام إليه عبد صغير فقال: اذكرني يا مولاي ذكرك الله بخير فقال إنك لم تخرف، فقال: إن النخلة قد تجني زهوا قبل أن تصير معوا «١» قال: قاتلك الله لقد استعتقت وحسنت وقد وهبتك لواهبك، كنت أمس لي واليوم مني، سبي فيلسوف وأراد رجل شراءه فقال له لماذا يصلح؟ قال: للحرية.

ذمّ العبيد

قيل: ليس عبد بأخ لك. قال ابن سعد:

العبد لو كانت ذؤابة رأسه ... ذهبا لكان رصاصة رجلاه

قال المتنبي «٢» :

أنوك من عبد ومن عرسه ... من حكّم العبد على نفسه «٣»

فلا ترج الخير عند امرىء ... مرّت يد النخّاس في رأسه «٤»

[أراذل الخدم]

كان لبعضهم مملوك يتشطر وكان إذا قال له صاحبه: هات الدواة، قال: مرحبا بجعفر البرمكي. وإذا قال: ناولني ثوبي. قال: قيصر يلبس وإذا قال: اغسل ثيابي. قال:

يونس النبي كان خيرا منك. لبس القرع، وآدم عليه السلام لبس ورق التين، وأنت لا تلبس ثوبا وسخا. وإذا قال: اذهب إلى السوق. قال: خذلني «٥» الله إن ذهبت حتى آكل كبابا

<<  <  ج: ص:  >  >>